Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

موشوكو تينساي 22

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

VOLUME TWO

الجوابُ هو قِصةٌ مُثيرةٌ للإهتمامِ في الواقع.

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

لقد تَوَقَعَتْ إمبراطوريةُ بروز أنْ يأتيَّ مِثلُ هذا الهجوم، لذلِكَ، إستَطاعوا خوضَ معركة. حينَها بالضبط، شَنَّ بلدُ ماركين هجومَه. هُجومًا مِن ثلاثِ إتجاهات.

 

أينَ ذَهَبَتْ غيلين بعدَ ذلِك؟ هل هي لا تزالُ على قيدِ الحياة؟ هل نَجَتْ مِن تِلكَ المعركةِ وذَهَبَتْ عائِدةً إلى آسورا؟ هل إستطاعَتْ مُقابلةَ تِلكَ السيدةِ الشابةِ الثمينةِ بالنسبةِ لها مرةً أُخرى؟

شَرقُ مَملَكةِ آسورا ومُباشرةً خلفَ الجِبال، في وسطِ القارةِ الوسطى، يَقَعُ مجالٌ فيهِ العديدُ مِنَ الدولِ الصغيرةِ التي تُقاتِلُ بعضَها البعضَ مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقة. في هذا المكان، تُبنى البُلدانُ فقط لكي تَتَدمرَ بعدَ ذلِكَ بوقتٍ قصير ثُمَ يُعادُ بِنائُها مرةً أُخرى، إنَّها تُسمى مَنطقةَ الصِراعاتِ مِن قِبَلِ السُكانِ المَحَليين.

ما الذي يَفعَلُهُ حُراسُ الإمبراطور الشخصيينَ هُنا في الغابة، بعيدًا عن الإمبراطور؟ كُلُ ذلِكَ بِسَبَبِ شيءٍ قد حَدَثَ قبلَ ساعة. حينَما كانَ إمبراطورُ بروز يَسيرُ شخصيًا في مُعسكَرِهِم يَرفَعُ هِمَمَ جِنودِهِ عندما خرجَ وحشٌ فجأةً مِنَ الغابةِ وهاجمَهُم. تم رَدُّ الوحشِ بسُرعة، لكِنَ الإمبراطورَ أُصيبَ بخَدشٍ صغيرٍ أثناء ذلِكَ وتلقى العِلاجَ الطبيَّ. ومع ذلِك، بَقيَّتْ حقيقةُ أنَّهُ قد تَعَرَضَ للهجومِ أمامِ أعيُنِ جِنودِهِ موجودةً.

أحدُ تِلكَ البُلدانِ الصغيرةِ في مَنطَقةِ الصِراعاتِ هي بلدةُ ماركين المُرتَزَقة. إنَّها بلدةٌ أسَسَها المُرتَزَقُ العظيمُ الذي حَمَلَتْ إسمه، وأصبَحَتْ دولةً مُحِبةً للحربِ قامَ إقتصادُها على إرسالِ المُرتَزَقةِ إلى الدولِ المُجاوِرة.

وهكذا تمَ إنشاء إلهةِ الغابةِ لين. حيثُ كانَ مِنَ الصَعبِ على أولئِكَ الموجودينَ في الجُزءِ الجنوبي مِنَ القارةِ الوسطى نُطقَ إسم غيلين، وهكذا أصبحَ إسمُها، الذي تَغيَرَ بِسَبَبِ لهجاتِهِم، لين. ظَهَرَتْ مِنَ الغابة، لإنقاذِ حياةِ الجِنرالِ العظيم، لتُصبِحَ إلهةَ الخلاص. إلهةُ الغابةِ لين.

في حانةٍ تَقَعُ في إحدى زوايا ماركين. هُناك، كانَ أحدُ المُرتَزَقةِ يَتَفاخَرُ أمامَ آخرٍ حولَ إحدى الندوبِ فوقَ كَتِفِه.

“غرااغاه!”

“هيه، إنظُر إلى هذهِ النُدبة! لقد حَصَلتُ عليها أثناء الدِفاعِ عن رودومين.”

“هكذا إذن.” تَوقَفَتْ غيلين عن التفكير.

“أوه، تِلكَ المعركة! كانَ ذلِكَ صعبًا، صحيح؟”

“هاه!؟”

“أين كُنتَ مُتَمَركِزًا أنت؟”

“هاه!؟”

“البوابةُ الشرقيةُ لحِصنِ آروس. إنَّهُ مكانٌ كَـالجحيم. كِدتُ حينَها أفقِدُ مَحبوبَتي، ذراعيَّ اليُمنى الحبيبةُ هذه.”

“هاه!؟”

“وصفُها بالجَحيم لا يُنصِفُ بدايةَ المعركةِ حتى. سَمِعتُ أنَّكُم يا رِفاق قد تَمَ مُحاصَرَتُكُم والقضاء على غالبيةِ قواتكم!”

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

“لا يَختَلِفُ ما حَدَثَ هُناكَ عَمَّا حدثَ لكُم يا رِفاق في معركةِ دفاعِ رودومين. سَمِعتُ يا رفاق أنَّ طُرُقَ الإمدادِ قد قُطِعَتْ عنكم، لم تَمتَلِكوا حتى الطعام يا رجُل.”

لم يَمتَلِك بيغوت أيَّ فِكرةٍ عَمَّا تُفَكِرُ فيه. بعدَ خمسِ ثوانٍ طويلة، نَظَرَتْ أخيرًا إلى السماء.

دَعَمَتْ دولةُ ماركين المُرتزقة جميعَ الدولِ الأُخرى بالتساوي ودونَ تمييز. المُرتَزَقةُ الذينَ أرسلَتهُم هذهِ الدولةُ مُخيفونَ بالنسبةِ بشكلٍ لا يُصَدَق. فَـهُم مُحاربونَ عُظَماء، وقادتُهُم هادئِونَ وفَطِنون، حيثُ دائِمًا ما تَتَفوقُ تَكتيكاتُهُم في ساحةِ المعركةِ على خُصومِهِم. بمُجَرَدِ دخولِهِم المعركة، سَـيَقودونَ حُلفائَهُم إلى النصرِ دونَ أنْ يَفشَلوا. لقد صاروا رَمزًا للإنتصارِ والخوفِ في ساحاتِ المعارِك. هذا ما يعنيهِ أنْ تَكونَ مُرتَزَقًا مِن ماركين.

هذا ليسَ بحادِثٍ نادر. في منطقةِ الصِراعات، تم إنشاء دولٍ صغيرةٍ وتدميرِها طوالَ الوقت. وسَـيَنتَظِرُ الناسُ فُرصةً مُناسِبةً لبناء بَلَدِهِم، بطموحِ الإستيلاء على المَنطَقةِ بأسرِها وإنشاء بَلَدٍ أكبر، فقط مِن أجلِ تحطيمِ هذا الحُلمِ وتجزئتِه. دولةُ ماركين المُرتَزَقة هي مُجَرَدُ ضحيةٍ أُخرى لتِلكَ الدورة، هذا لأنَّها دولةٌ غيرُ مُنَظَمةٍ سَـتواجِهُ نفسَ المصير؛ لا أكثرَ ولا أقل.

“إنَّهُ أمرٌ لا يُصَدَقُ أنَّنا خَرَجنا مِن هُناكَ على قيدِ الحياة.”

لم يَمتَلِك بيغوت أيَّ فِكرةٍ عَمَّا تُفَكِرُ فيه. بعدَ خمسِ ثوانٍ طويلة، نَظَرَتْ أخيرًا إلى السماء.

“حسنًا، هذا ما يُسمى نِعمةَ إلهةِ الغابة.”

بيغوت، أيضًا، أمالَ رأسَه. ثُمَ أخبرَها أنَّها في مَنطقةِ الصراعات، الواقِعةِ في أقصى شمالِ النصفِ الجنوبيِّ مِنَ القارةِ الوسطى. ثُمَ أوضحَ أنَّهُم في غابةٍ داخِلَ الجُزءِ الشمالي مِن بَلَدِ ماركين المُرتَزَقة.

أخرَجَ أحدُ المُرتزقةِ قِلادةً مِن جيبِ صَدرِه. نُحِتَ على القِلادةِ الخشبيةِ مُجَسم، مُجسَمٌ عن امرأةٍ ذاتَ آذانٍ تُشبِهُ الحيوانات.

للأسف، لم يكُن بيغوت ورِجالُهُ هُم الوحيدونَ الذينَ إعتَقَدوا ذلِك.

عند رؤيةِ هذا، أخرَجَ المُرتَزَقُ الآخرُ سيفًا قصيرًا مُعَلقًا على خصرِه. شِفرةٌ مصبوغةٌ باللونِ الأحمر. “إذن نَخبُها، نخبُ إلهةِ الغابةِ لين!”

“هاه!؟”

“أتمنى أن نَظَلَّ نَنتَصِرُ في المعاركِ القادمةِ أيضًا! نَخبُك!”

وَجَدَ إمبراطورُ بروز عدمِ عودةِ حُراسِهِ الشخصيين أمرًا يجلِبُ الشك. وإشتَبَهَ في أنَّ مَملَكةَ ديكوتو كانَتْ تُخَطِطُ لكمينٍ لقواتِه، وأنَّ حُراسَهُ الشخصيينَ قد قُتِلوا بعد إكتشافِ مؤامَرَتِهِم. فَـبعدُ كُلِ شيء، الجيشُ الرئيسي لمَلِكِ ديكوتو مُتَمركِزٌ بالقُربِ مِنَ الغابة. مِنَ المُحتَمَلِ أنْ تَكونَ جُزءٌ قواتِهِم يختَبِؤنَ في الداخِل.

مع أغراضِهِم في يدٍ وأكوابِ النبيذِ في اليدِ الأُخرى، شَرِبَ المُرتَزَقانِ كوبا الكحول حتى آخرِ قطرة. تِلكَ هي طَريقَتُهُم في التَضَرُعِ لتِلكَ الإلهة.

في اللحظةِ التي قالَ فيها بيغوت هذا، هدأ الوحش. وبعدَ وقتٍ قصير، إستعادَتْ غيلين إحساسَها بِعَقلِها.

“آه، هذا النبيذُ جيدٌ حقًا!”

تَلَقى بيغوت سَهمًا في عينهِ اليُسرى. وأثناء تَخَبُطِهِ بحثًا عن طريق، رآه.

“نعم، يجبُ تَناولُ بعضِ الكحولِ بعد كُلِ معرَكة. نبيذُ ماركين هو الأفضل.”

إحتَدَمَتْ المعركة، وغُطيَّ الجنودُ بالطينِ والدم، ولم يُدرِكوا أبدًا ما يَحدُثُ مِن حولِهم.

“والنساء أيضًا!”

***

“إذن هل يَجِبُ علينا أنْ نَذهبَ إلى بيتِ الدعارةِ بعد هذا؟”

“آه، هذا النبيذُ جيدٌ حقًا!”

“دعنا نُبقي هذا الجُزء سِرًا عن الإلهة.”

وهكذا إنطَلَقَ الحُراسُ الشخصيونَ على الفورِ إلى الغابة. لكِن، في ظروفٍ غامضةٍ للغاية، لم يواجِهوا أيَّ وحوش، ولكِن بدلًا مِن ذلِكَ وَجَدوا بيغوت ومجموعَتَه.

“اهاهاها!”

لقد سَمِعَ شائعاتٍ عن حاكِمِ الغابةِ مِن قبل. كارينتوصور، وحشٌ مِنَ الدرجةِ الأولى بجسمٍ عملاقٍ يُشبِهُ السحليةَ يَزيدُ طولُهُ عن خمسةِ أمتار. ليسَ معروفًا هل هو موجودٌ بالفعلِ أم لا، ولكن إذا حدثَ ذلِك، فَسَـيَكونُ بالتأكيدِ قادِرًا على وضعِ نمرٍ مِنَ الدرجةِ B في حالةٍ حرجة.

إنقضى الليلُ هكذا بإثنَينِ يشرَبانِ الكحولَ بمرَح.

“هيه، إنظُر إلى هذهِ النُدبة! لقد حَصَلتُ عليها أثناء الدِفاعِ عن رودومين.”

 

“كثيرًا ما سَمِعتُ شائعات، لكِنَني لم أحلُم أبدًا أنَّني سألتَقي بكِ في مكانٍ كهذا.”

إلهةُ الغابةِ لين هي إلهُ مُرتَزَقةِ ماركين. وفقًا للأسطورة، ظَهَرَتْ إلهةُ الخلاصِ قبلَ مائةِ عامٍ عِندَما كانَتْ دولةُ ماركين المُرتَزَقة على وشكِ الإنهيار. أنقَذَتْ قيادَتُها الأُسطوريةُ للبلادِ أنقذَتْ هذهِ الدولةَ مِنَ الهلاك.

لقد كانَ مسعًى خطيرًا بِـشَكلٍ لا يُصَدَق. فَـهُم لن يعودوا أحياءً حتى لو نَجَحوا. في الواقِع، قد يَضطَرونَ للإنتحارِ لِـتَجَنُبِ القَبضِ عليهُم. ولم يَتَمكَنوا من أخذِ أي شيءٍ قد يَدُلُ على هويتِهِم معهُم. لا أحدَ سَـيَعرِفُ مَن هُم أو مِن أينَ أتوا. ولا يوجَدُ شَرَفٌ في هذهِ المهمة. بدلًا مِن ذلِك، سيَموتونَ كَـخَوَنة.

بفضلِ هذهِ الأسطورة، إعتَقَدَ العديدُ مِنَ مُرتَزَقةِ ماركين أنَّهُم عندما يكونونَ على وشكِ الموت، سَـتَظهرُ إلهةُ الغابةِ مِنَ العدمِ وتُنقِذَهُم. لهذا السَبَبِ صلوا لها.

 

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

“…”

لماذا ذلِك؟

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

الجوابُ هو قِصةٌ مُثيرةٌ للإهتمامِ في الواقع.

وعلى مدى المائةِ عامٍ التالية، ظَلَّتْ تُعبَدُ كإلهةٍ لماركين، وقَدَمَتْ الدعمَ لقلوبِ العديدِ مِنَ الجنود. بالطبع، لم تَعرِف غيلين الحقيقيةُ أيَّ شيءٍ عن هذا.

في السَنَةِ 417 مِن تاريخِ عصرِ التِنينِ المُدَرَع.

كانَ جنودُ بروز سريعين.

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

“إستَلوا سيوفَكُم! لا تَدَعوا شخًصًا مِنهُم حيًا!” تجاهلَ بيغوت السؤالَ وبدلًا مِن ذلِكَ صرخَ على رِجالِه، الذينَ إستَلوا سيوفَهُم وقَفَزوا على العدو.

هذا ليسَ بحادِثٍ نادر. في منطقةِ الصِراعات، تم إنشاء دولٍ صغيرةٍ وتدميرِها طوالَ الوقت. وسَـيَنتَظِرُ الناسُ فُرصةً مُناسِبةً لبناء بَلَدِهِم، بطموحِ الإستيلاء على المَنطَقةِ بأسرِها وإنشاء بَلَدٍ أكبر، فقط مِن أجلِ تحطيمِ هذا الحُلمِ وتجزئتِه. دولةُ ماركين المُرتَزَقة هي مُجَرَدُ ضحيةٍ أُخرى لتِلكَ الدورة، هذا لأنَّها دولةٌ غيرُ مُنَظَمةٍ سَـتواجِهُ نفسَ المصير؛ لا أكثرَ ولا أقل.

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

ومعَ ذلِك، لم يحدُث شيءٌ بلا سبب. أولى خُطواتِهِم نحوَ الهلاك كانَتْ الدبلوماسية. فالبلد، الذي يقومُ إقتصادُهُ على نشرِ المُرتَزَقة، سَـيَمتَلِكُ بالطبعِ قوةً وطنيةً وعسكريةً تَتَجاوزُ ما هو مُتَوَقعٌ مِن أيِّ بلدٍ نامٍ عادي. ومع ذلِك، تِلكَ كانَتْ مُشكِلَتَهُم الأساسية.

وعلى مدى المائةِ عامٍ التالية، ظَلَّتْ تُعبَدُ كإلهةٍ لماركين، وقَدَمَتْ الدعمَ لقلوبِ العديدِ مِنَ الجنود. بالطبع، لم تَعرِف غيلين الحقيقيةُ أيَّ شيءٍ عن هذا.

فَـقد ظلَّ البَلَدانِ الأقربُ إلى ماركين، مَملَكةُ ديكوتو وإمبراطوريةُ بروز، حَذِرَينِ للغايةِ مِن بَلَدِ المُرتَزَقة. لقد خَطَطوا ضِدَها، وعِندَما إنهارتْ العلاقاتُ الدبلوماسية، أعلنَ كِلا البَلَدَينِ الحربَ على ماركين في وقتٍ واحِد.

“هاه!؟”

وعلى الرُغمِ مِن أنَّها دولةُ مُرتَزَقة، إلا أنَّها كانَتْ عاجِزةً ضِدَ القوةِ المُشتَرَكةِ لدولَتَينِ أُخرَيَين. قَدَمَ ماركين عرضًا مُشَرِفًا للمُقاومةِ الشرِسة، لكِنَهُم خَسِروا نِصفَ أراضيهِم بعدَ الإستسلامِ المُفاجِئ لقلعةٍ مُهمة وخسارةِ العديدِ مِنَ المعارِكِ الكبيرة.

“ثُمَ يجبُ أنْ أذهبَ جنوبا للعودةِ إلى آسورا.”

حينَها إختفى أيُّ أملٍ لهذِه البِلاد. أما بالنسبةِ لبعضِ المُرتَزَقةِ الذينَ إمتَلَكوا عقولًا فَـقد فَروا إلى بُلدانٍ أُخرى أو خانوا ماركين. بعدَها حَدَثَتْ المعرَكةُ الحاسِمة، والتي أصبَحَتْ تُعرَفُ بعدَ ذلِكَ بإسمِ المعركةِ الأخيرةِ لبقايا ماركين، وحَدَثَتْ في منطقةٍ سهليةٍ كبيرة.

هذا صحيح—كانَ هذا الوحشُ امرأةً. كانَ لهُ شَكلُ امرأة. بمُجَرَدِ أنْ أدركَ ذلِك، بدأتْ المُحرِكاتُ الموجودةُ في الجُزءِ الخلفيِّ مِن عقلِ بيغوت في العَمَل.

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

إنقضى الليلُ هكذا بإثنَينِ يشرَبانِ الكحولَ بمرَح.

وهُناكَ سببٌ آخرُ لكونِ هذا السهلِ قد لَعِبَ دورًا رئيسيًا في هذهِ الحرب. وهو أنَّهُ وبِـمُجَرَدِ سقوط ماركين، سيحتاجُ البلدانِ الآخرانِ للسيطرةِ على هذهِ النُقطةِ للإستيلاء مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقةِ المُحيطةِ بالعاصِمة. بالإضافةِ إلى ذلِك، بمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، فَـمِنَ السهلِ تَخَيُلُ الصِراعِ الذي سَـيَنشَبُ بعدَ ذلِكَ بينَ مَملَكةِ ديكوتو وإمبراطوريةِ بروز.

فَـقد ظلَّ البَلَدانِ الأقربُ إلى ماركين، مَملَكةُ ديكوتو وإمبراطوريةُ بروز، حَذِرَينِ للغايةِ مِن بَلَدِ المُرتَزَقة. لقد خَطَطوا ضِدَها، وعِندَما إنهارتْ العلاقاتُ الدبلوماسية، أعلنَ كِلا البَلَدَينِ الحربَ على ماركين في وقتٍ واحِد.

وقد حاوَلَتْ دولةُ ماركين بالفعلِ الإستفادةَ مِن الطبيعةِ المشحونةِ للعلاقَةِ بينَ هذَينِ البَلَدَين، لكِنَ قواتَها العسكريةَ قد تَقَلَصَتْ بدرجةٍ كبيرة، إلى الحَدِ الذي لم يَعُد بإمكانِهِم سوى إظهارُ مُقاومةٍ بسيطةٍ فقط. موضوعُ الحِفاظِ على الدولةِ مِنَ الهلاكِ وحدَهُ يكفي لإنهاكِهِم.

وَجَدَ إمبراطورُ بروز عدمِ عودةِ حُراسِهِ الشخصيين أمرًا يجلِبُ الشك. وإشتَبَهَ في أنَّ مَملَكةَ ديكوتو كانَتْ تُخَطِطُ لكمينٍ لقواتِه، وأنَّ حُراسَهُ الشخصيينَ قد قُتِلوا بعد إكتشافِ مؤامَرَتِهِم. فَـبعدُ كُلِ شيء، الجيشُ الرئيسي لمَلِكِ ديكوتو مُتَمركِزٌ بالقُربِ مِنَ الغابة. مِنَ المُحتَمَلِ أنْ تَكونَ جُزءٌ قواتِهِم يختَبِؤنَ في الداخِل.

 

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

***

“اللعنة!”

 

هذا صحيح—كانَ هذا الوحشُ امرأةً. كانَ لهُ شَكلُ امرأة. بمُجَرَدِ أنْ أدركَ ذلِك، بدأتْ المُحرِكاتُ الموجودةُ في الجُزءِ الخلفيِّ مِن عقلِ بيغوت في العَمَل.

قادَ بيغوت المُرتَزَق، قائِدُ الوحدةِ الثالِثةِ مِن شَرِكةِ مُرتَزَقةِ ماركين، عشرةً مِن رجالِهِ إلى أعماقِ الغابة. كانَتْ غابةُ إيجين موبوءةً بالوحوش. مُنذُ زمنٍ سحيق، مَنَعَ حاكِمُ هذهِ المنطقةِ المُرورَ عبرها، أو هكذا قالَ أولئِكَ الذينَ عاشوا في مكانٍ قريبٍ بالإجماع. حتى أنَّ الحطابينَ رفضوا دخولَ غابةِ إيجين. وهذا يعني أنَّ المرورَ بالقواتِ أمرٌ مُستَحيل. حتى في هذهِ المعركةِ الحالية، تَجَنَبَتْ الدَولَتانِ المُعاديتان لماركين الإقترابَ مِنَ الغابة.

“هاه!؟”

لهذا قَرَرَ المَلِكُ ماركين الإستفادةَ مِن ذلِك. حيثُ سَـتَختَرِقُ قواتُهُم الغابةَ وتَشِنُ هجومًا مُفاجِئًا على أحدِ جَيشَي أعدائِهِم. خُطةٌ بسيطةٌ ولكِنَها فعالة.

إحتَدَمَتْ المعركة، وغُطيَّ الجنودُ بالطينِ والدم، ولم يُدرِكوا أبدًا ما يَحدُثُ مِن حولِهم.

ومعَ ذلِك، في حينِها لم تعُد قوةُ ماركين العسكرية كما كانَتْ مِن قبل. مُجَرَدُ المرورِ عبرَ الغابةِ مِن شأنِهِ أنْ يُقَلِلَ أعدادَهُم بشَكلٍ كبيرٍ عندما سَـيَتِمُ إستهدافُهُم مِن قِبَلِ الوحوشِ المُختَلِفة. هذا بدونِ ذِكرِ شنِ هجومٍ على جيش بعد الخروجِ مِن هُناك–سَـيَكونُ ذلِكَ فقط إضاعةً للموارِد.

أنا آسِف، ماركين. إعتذرَ بيغوت لرفيقِهِ العزيزِ في قَلبِه. هذا بالضبطِ عندما حَدَثَ كُلُ شيء.

حينَها جاء دورُ الإستراتيجية. في المَعرَكةِ السابِقة، قاموا بنَهبِ العديدِ مِن بدلاتِ دروعِ جنودِ إمبراطوريةِ بروز. لهذا سَـيَرتَدي جنودُ ماركين هذهِ البَدلاتِ ثُمَ يُهاجِمونَ إمبراطوريةِ ديكوتو مِنَ الخلف.

هذا يعني أيضًا أنَّهُم إذا تعرضوا للهجومِ مِن قبلِ مثلِ هذا المخلوق، فلن يَخرُجَ هو ولا رجالُهُ التِسعةُ المُتبقينَ سالمين. لذلِكَ تعاملَ مع الوضعِ بحذرٍ أكثرَ مِن ذي قبل.

لقد شَكَلَ هذانِ البلدانِ تحالُفًا مؤقتًا فقط لهزيمةِ ماركين. وبِـمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، سيبدأ الإثنانِ حتمًا بالقِتالِ مِن أجلِ السيطرةِ على الأرضِ التي إحتَلوها. ومعَ تصاعُدِ التَوَتُرِ بينَهُما حيثُ بدأ كِلا البَلَدَينِ في التَفكيرِ في الأساليبِ الأكثرَ فائدةً لهُما. لن يَتَطلبَ الأمرُ سِوى دفعةً واحِدةً صغيرةً حتى يَتَدمرَ تحالُفُهُم، مِمَّا يَخلُقُ صِراعًا بينَهُم. وهذا هو بالضبطِ ما يُريدُهُ ماركين.

“ماذا تفعَل؟!”

وهكذا تَمَ تَكليفُ بيغوت، المعروفُ بكونِهِ جريئًا وحازِمًا، بالمسؤوليةِ عن العملية. سَـيَمُرُ عبرَ الغابةِ مع قوةٍ صغيرةٍ ويُهاجِمُ قواتَ ديكوتو.

أُصيبَ بيغوت بالذُعر. مِنَ المُستَحيلِ أنْ يَستَسلِموا. حيثُ أنَّهمُ إذا تم القبضُ عليهِم والتحقيقُ معَهُم، فَسَـيَتِمُ كَشفُهُم. سوفَ تَسقُطُ ماركين. بعدَ ذلِك، سَـتَتَقاتَلُ إمبراطوريةُ بروز ومَملَكةُ ديكوتو. وغيرُ معروفٍ مَن سَـيفوز، ولكِن، في كلتا الحالتَينِ سَـتَختَفي الدولةُ التي إمتَلَكَ ذكرياتٍ جميلةً عنها.

لقد كانَ مسعًى خطيرًا بِـشَكلٍ لا يُصَدَق. فَـهُم لن يعودوا أحياءً حتى لو نَجَحوا. في الواقِع، قد يَضطَرونَ للإنتحارِ لِـتَجَنُبِ القَبضِ عليهُم. ولم يَتَمكَنوا من أخذِ أي شيءٍ قد يَدُلُ على هويتِهِم معهُم. لا أحدَ سَـيَعرِفُ مَن هُم أو مِن أينَ أتوا. ولا يوجَدُ شَرَفٌ في هذهِ المهمة. بدلًا مِن ذلِك، سيَموتونَ كَـخَوَنة.

حينَها جاء دورُ الإستراتيجية. في المَعرَكةِ السابِقة، قاموا بنَهبِ العديدِ مِن بدلاتِ دروعِ جنودِ إمبراطوريةِ بروز. لهذا سَـيَرتَدي جنودُ ماركين هذهِ البَدلاتِ ثُمَ يُهاجِمونَ إمبراطوريةِ ديكوتو مِنَ الخلف.

على الرُغمِ مِن ذلِك، قالَ بيغوت لماركين، “لا تقلق، سَـتُخَلَدُ قِصتُنا. سَـنَعيشُ كأبطالٍ قادوا هذا البَلَدَ إلى النَصرِ خِلالَ إحدى معارِكِهِ العظيمة، تمامًا مِثلَ الإلهين التوأمِ الأسطوريَّينِ ميغوس وغوميس. أليسَ ذلِكَ شرفًا بحدِ ذاتِه؟” وهكذا تولى بيغوت هذا الواجِب، حيثُ رأى التشابُهَ بينَهُ وبينَ الأبطالِ الأسطوريَينَ مُنذُ 400 عامٍ واللذينَ ماتوا في المعركةِ ضِدَ لابلاس.

“بأيِّ فُرصة…” نادها بيغوت أثناء تأديتِهِ لأسلوبِ التحيةِ الخاصِ بأسلوبِ إلهِ السيف والذي عَلَمَهُ إياهُ مُعَلِمُه، إنحنى على رُكبةٍ واحِدةٍ وقَدَمَ رأسَهُ إلى الأمام، مُظهِرًا الإحترامَ والخضوع. “…هل أنتِ مَلِكُ السيف، غيلين ديدوروديا-ساما؟!”

وهكذا، قادَ عشرةَ مُقاتِلين. ثلاثةٌ مِنهُم مُقاتلينَ بالسيفِ مِنَ الطَبَقةِ المُتَوَسِطةِ في أسلوبِ إلهِ الشَمال، بينما كانَ السبعةُ الآخرونَ مُرتَزَقةً غيرَ مُرتَبطينَ بـأيٍّ مِن أنماطِ السيفِ الثلاثة. وبيغوت نفسهُ هو مُبارِزٌ بأسلوبِ إلهِ السيفِ في المرتَبةِ المُتَقَدِمة، لكِن، لم يوجَد في مجموعَتِهِم أيُّ مُعالِجٍ أو أيُّ شخصٍ مُمَيز.

“جيدٌ جدًا.”

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

خَرَجَ بيغوت ورِجالُهُ وغيلين مِنَ الغابةِ وهاجموا مَملَكةَ ديكوتو مِنَ الخلف. وبِسَبَبِ حظِهِم الجيد. بمُجَرَدِ أنْ بدأتْ المَعركةُ مع ماركين، رَكَزَتْ جميعُ القواتِ على ما هو أمامَهُم مُتجاهلينَ مؤخِرةَ الجيش.

‘همف، لم أُفَكِر أبدًا في أنَّني قد أفعلُ شيئًا كهذا.’، فَكَرَ بيغوت، ضاحِكًا بِـسُخريةٍ على نفسِه.

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

كانَ مِنَ المُقَدَرِ أنْ يكونَ بيغوت مُرتَزَقًا. فَـقد ولِدَ في فِرقةِ مُرتَزَقة. توفي والدِهُ في المعركةِ بينما والِدَتُهُ حامِلٌ به، وتوفيَّتْ والِدَتُهُ في المعركةِ بعدَ وقتٍ قصيرٍ مِن ولادَتِه. تَمَّ بيعُهُ كَـعَبدٍ وإشتراهُ ما سَـيُصبِحُ فيما بعدُ شَرِكةَ ماركين المُرتَزَقة. وهذا هو المكانُ الذي تَعَلَمَ فيهِ عن المُبارزةِ والمعارِك. مُنذُ ذلِكَ الحينِ عاشَ فقط مِن أجلِ المالِ والبقاء على قيدِ الحياة. لم يحلُم أبدًا أنَّهُ في نهايةِ كُلِ شيء، سَـيُقاتِلُ مِن أجلِ الشَرَف.

من ناحيةٍ أُخرى، لم يَمتَلِك خياراتٍ أُخرى. فَـقد تمتْ مُحاصرَتُهُم، وإذا إستَمَرَ هذا لفترةٍ أطول، فإنَّ تدميرَهُم سَـيَكونُ حتميًا.

‘كما لو أنَّني فارِسٌ في مَملَكةٍ ما.’ عَرَفَ الجميعُ أنَّ الفُرسانَ هُم الوحيدونَ الذينَ يموتونَ مِن أجلِ الشَرَف. ولكِنَ هذا يَحدُثُ الآنَ لبيغوت. ‘رُبَما أنا فارِسٌ بعدَ كُلِ شيء، فارِسُ ماركين.’

 

جَعَلَهُ التفكيرُ بهذهِ الطريقةِ فخورًا. لفَترةٍ طويلة، لم يَمتَلِك بيغوت مكانًا ينتمي إليه. وبعدَ الكثيرِ مِنَ المصاعِبِ والمُعاناةِ تَمَكنَ أخيرًا مِن تسميةِ ماركين مَنزِلًا. والآن هو سَـيُقاتِلُ مِن أجلِ حمايتِه. لقد سَخَرَ مِن هذهِ المُثُلِ العُليا في الماضي لكونِها تبدو مُتفائِلةً أكثرَ مِنَ اللازِم، ولكِن الآن وبعد أنْ تَمَّ وضعُهُ في موقِفٍ مُشابِه، لم يبدُ الأمرُ سيئًا جدًا مِن منظورِه.

“القائد، أبعدُ قليلًا فقط، سَـنَصِلُ أخيرًا.”

بعدَها سألَ بيغوت عن وضعِها. كانَتْ تعملُ كحارسٍ شخصيٍّ لفتاةٍ صغيرةٍ في منطقةِ فيدوا في مَملَكةِ آسورا عندما تعرضوا للهجوم. وقبل أنْ تَعرِف، إبتَلَعَها ضوءٌ أبيضٌ غامضٌ وإنتهى بها الأمرُ في هذهِ الغابة. وأثناء مُحارَبَتِها لجيوشِ الوحوش، فَقَدَتْ نفسَها في إثارةِ المعركةِ وتَحَوَلَتْ إلى وضعِ الهائجِ قاتِلةً أيَّ شيءٍ يَقتَرِبُ مِنها.

“لا تَخفِض مِن حَذَرِك. الآنَ بعدَ أنْ وصلنا إلى هذا الحد، علينا أنْ نُحاوِلَ بجدٍ أنْ نموتَ على يدِ البشر.”

حينَها إندَفَعَ جيشُ ماركين. إهتَزَتْ الدولَتانِ الحليفتانِ عندما بدأتْ المعرَكَةُ خلفَهُما. لم يَتِمَ كَسرُ التحالُفِ الخاصِ بهِم فحسب، بل تَمَّ كَسرُ تشكيلاتِهِم القتاليةِ أيضًا. ماركين، الذينَ يَنبغي أنْ يكونوا في وضعٍ غير مؤات، إختَرَقوا الخطوطَ الأمامية بكُلِ سهولة.

“هاها، لا أرى أيَّ خطأ في ذلِك.”

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

حتى تِلكَ النُقطة، واجهوا القليلَ مِنَ الوحوشِ فقط. لقد ساروا طَوالَ اليومِ ولم يدخلوا سوى في قتالَينِ مع الوحوش. هذا أشبَهُ بالمُعجِزة.

أحدُ تِلكَ البُلدانِ الصغيرةِ في مَنطَقةِ الصِراعاتِ هي بلدةُ ماركين المُرتَزَقة. إنَّها بلدةٌ أسَسَها المُرتَزَقُ العظيمُ الذي حَمَلَتْ إسمه، وأصبَحَتْ دولةً مُحِبةً للحربِ قامَ إقتصادُها على إرسالِ المُرتَزَقةِ إلى الدولِ المُجاوِرة.

على الرُغمِ مِن ذلِك، فَـقدْ فَقَدَ أحدَ رِجالِه. لقد ظَلوا يَتَحركونَ بحذرٍ شديد، إلا أنَّ نَمِرَ ورقةٍ حمراء مُختبئًا بينَ الأعشابِ قد هاجَمَهُم. ولعدمِ وعيِّهم به، مات جُنديٌّ واحِد. لكِنَ الوحشَ كانَ مُصابًا بالفِعلِ بجروحٍ خطيرةٍ وبدا أنَّهُ يَهرُبُ مِن شخصٍ ما. نَمِرُ الورقةِ الحمراء هو أكثرُ الوحوشِ رُعبًا في هذهِ الغابة. فقط مَن في هذا العالمِ يُمكِنُهُ فِعلُ كُلُ هذا به؟

في الحقيقة، مَلِكُ ديكوتو هو جبانٌ وقد يخيم وظهرُهُ إلى الغابةِ حتى لا يَتِمَ القبضُ عليهِ في هجومٍ مُفاجئ من قبلِ إمبراطوريةِ بروز. سَـيؤدي الجمعُ بينَ هذهِ العواملِ لاحِقًا إلى نجاحِ بيغوت.

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

أنا آسِف، ماركين. إعتذرَ بيغوت لرفيقِهِ العزيزِ في قَلبِه. هذا بالضبطِ عندما حَدَثَ كُلُ شيء.

لقد سَمِعَ شائعاتٍ عن حاكِمِ الغابةِ مِن قبل. كارينتوصور، وحشٌ مِنَ الدرجةِ الأولى بجسمٍ عملاقٍ يُشبِهُ السحليةَ يَزيدُ طولُهُ عن خمسةِ أمتار. ليسَ معروفًا هل هو موجودٌ بالفعلِ أم لا، ولكن إذا حدثَ ذلِك، فَسَـيَكونُ بالتأكيدِ قادِرًا على وضعِ نمرٍ مِنَ الدرجةِ B في حالةٍ حرجة.

***

هذا يعني أيضًا أنَّهُم إذا تعرضوا للهجومِ مِن قبلِ مثلِ هذا المخلوق، فلن يَخرُجَ هو ولا رجالُهُ التِسعةُ المُتبقينَ سالمين. لذلِكَ تعاملَ مع الوضعِ بحذرٍ أكثرَ مِن ذي قبل.

“لا تَخفِض مِن حَذَرِك. الآنَ بعدَ أنْ وصلنا إلى هذا الحد، علينا أنْ نُحاوِلَ بجدٍ أنْ نموتَ على يدِ البشر.”

لحُسنِ الحظ، إمتَلَكَ بيغوت خِبرةً في المناورةِ عبرَ الغابة، وهو ما يكفي لتَجَنُبِ مواجهةِ أيِّ وحوش. وحتى لو صادَفَ وحشًا، فَـهو يَمتَلِكُ على الأقلِ القوةَ لقتلِهِ قبلَ أنْ يَطلُبَ المُساعدة. طالما تَمَكَنوا مِن ذلِك، فَسَـيكونونَ على ما يُرام.

“ثُمَ يجبُ أنْ أذهبَ جنوبا للعودةِ إلى آسورا.”

للأسف، لم يكُن بيغوت ورِجالُهُ هُم الوحيدونَ الذينَ إعتَقَدوا ذلِك.

الجوابُ هو قِصةٌ مُثيرةٌ للإهتمامِ في الواقع.

“ماذا؟!”

حينَها إندَفَعَ جيشُ ماركين. إهتَزَتْ الدولَتانِ الحليفتانِ عندما بدأتْ المعرَكَةُ خلفَهُما. لم يَتِمَ كَسرُ التحالُفِ الخاصِ بهِم فحسب، بل تَمَّ كَسرُ تشكيلاتِهِم القتاليةِ أيضًا. ماركين، الذينَ يَنبغي أنْ يكونوا في وضعٍ غير مؤات، إختَرَقوا الخطوطَ الأمامية بكُلِ سهولة.

“هاه!؟”

عِندَما تصادَمَ سَيفُ الوحشِ بسيفِ كلاين، كُسِرَتْ شَفرَةُ كلاين إلى نصفَين. ثُمَ إنقَسَمَ دِرعُ كلاين حيثُ قَطَعَ الهجومُ ملابِسَهُ وجِلدَهُ وعضلاتَهُ وأخيرًا عَظمَهُ بلا تَوَقُف. وهكذا تَمَ فَصلُ القسمِ العلويِّ مِن جَسَدِ كلاين عن القسمِ السُفلي. لم يَتَراجَع جنودُ بروز حتى عِندَما سَقَطَ جِذعُ قائِدُهُم أمامَهُم.

قبلَ أنْ يُدرِكَ بيغوت ما يَحدُث، إصطَدَمَ هو ورِجالُهُ بمجموعةٍ أُخرى. هذهِ المجموعةُ فيها عشرةُ أشخاصٍ كذلِك. معًا، صاروا مجموعةً مِن عشرينَ رَجُلا، كُلُهُم يرتَدونَ دِرعَ إمبراطوريةِ بروز. الإختلافُ الوحيدُ هو أنَّ بيغوت ورِجالَهُ مُزَيفون.

كانَ جنودُ بروز سريعين.

“أنتَ هُناك، أعطِنا إسم وِحدَتِك!” وقفَ رَجُلٌ يرتدي دِرعًا لامِعًا ومُذهِلًا أمامَ بيغوت، مُطالِبًا بالتعريفِ عن نفسِه.

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

“إستَلوا سيوفَكُم! لا تَدَعوا شخًصًا مِنهُم حيًا!” تجاهلَ بيغوت السؤالَ وبدلًا مِن ذلِكَ صرخَ على رِجالِه، الذينَ إستَلوا سيوفَهُم وقَفَزوا على العدو.

بعدَها سألَ بيغوت عن وضعِها. كانَتْ تعملُ كحارسٍ شخصيٍّ لفتاةٍ صغيرةٍ في منطقةِ فيدوا في مَملَكةِ آسورا عندما تعرضوا للهجوم. وقبل أنْ تَعرِف، إبتَلَعَها ضوءٌ أبيضٌ غامضٌ وإنتهى بها الأمرُ في هذهِ الغابة. وأثناء مُحارَبَتِها لجيوشِ الوحوش، فَقَدَتْ نفسَها في إثارةِ المعركةِ وتَحَوَلَتْ إلى وضعِ الهائجِ قاتِلةً أيَّ شيءٍ يَقتَرِبُ مِنها.

“هارِبون، هاه؟! موتوا!” وَصَفَهُم القائِدُ مِن إمبراطوريةِ بروز بذلِكَ بعدَ أن هاجَموهُم. هو مُخطئٌ، لكِنَ هذا لم يُغير ما يجبُ القيامَ به. “إقتلوهُم! بروز لا تحتاجُ للجُبناء الذينَ يهربونَ مِن المعركة!”

“هاها، لا أرى أيَّ خطأ في ذلِك.”

كانَ جنودُ بروز سريعين.

شاهدَ ما حَدَث. رأى رجُلًا يرتَدي دِرعَ بروز فاخِرًا وذو لحيةٍ سوداء. ثُمَ رأى بيغوت وميضَ اللونِ الأحمرِ بالقُربِ مِن ذلِكَ الرجُل، إمبراطورُ بروز، قُطِعَ رأسُهُ مِن قبلِ امرأةٍ ذاتِ بشرةٍ بُنية.

“غاااه!”

بفضلِ إنجازاتِه، حصلَ بيغوت على مَنصَبِ الجنرال. وتَمَ الإحتفالُ بهِ كَـبَطَلٍ أسطوري لأنَّهُ نَجَحَ في مُهمةٍ إنتحاريةٍ وأعدَمَ مَلِكَ ديكوتو.

“ا-اللعنة!”

 

في غمضةِ عين، تَمَ إسقاطُ إثنَينِ مِن رجالِ بيغوت. وفي لحظاتٍ فقط تَحَوَلوا إلى موقفٍ دفاعي. حيثُ كانَ جنودُ إمبراطوريةِ بروز ماهرينَ بشكلٍ لا يُصَدَق. لم يعرِف بيغوت ورِجالُهُ عن ذلِكَ في حينِها، لكِنَهُم كانوا يُقاتِلونَ في الواقعِ حُراسَ الإمبراطورِ الشخصيين.

“أوه، تِلكَ المعركة! كانَ ذلِكَ صعبًا، صحيح؟”

ما الذي يَفعَلُهُ حُراسُ الإمبراطور الشخصيينَ هُنا في الغابة، بعيدًا عن الإمبراطور؟ كُلُ ذلِكَ بِسَبَبِ شيءٍ قد حَدَثَ قبلَ ساعة. حينَما كانَ إمبراطورُ بروز يَسيرُ شخصيًا في مُعسكَرِهِم يَرفَعُ هِمَمَ جِنودِهِ عندما خرجَ وحشٌ فجأةً مِنَ الغابةِ وهاجمَهُم. تم رَدُّ الوحشِ بسُرعة، لكِنَ الإمبراطورَ أُصيبَ بخَدشٍ صغيرٍ أثناء ذلِكَ وتلقى العِلاجَ الطبيَّ. ومع ذلِك، بَقيَّتْ حقيقةُ أنَّهُ قد تَعَرَضَ للهجومِ أمامِ أعيُنِ جِنودِهِ موجودةً.

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

وبعدَ أنْ شَعَرَ الإمبراطورُ بإنخفاضٍ في الروحِ المعنويةِ في جيشِه، أمَرَ حُراسَهُ الشخصيينَ بالتَحَرُك. إذهبوا وقاتِلوا ذلِكَ الوحشَ وإجلبوا لي جِلدَه، هكذا أمر. ثُمَ حينَها سَـيُمكِنُهُ أنْ يَدَعيَّ أنَّهُ قد حاربَ المَخلوقَ وقَتَلَهُ ولهذا أُصيبَ بهذا الجُرح.

“اللعنة!”

وهكذا إنطَلَقَ الحُراسُ الشخصيونَ على الفورِ إلى الغابة. لكِن، في ظروفٍ غامضةٍ للغاية، لم يواجِهوا أيَّ وحوش، ولكِن بدلًا مِن ذلِكَ وَجَدوا بيغوت ومجموعَتَه.

حتى تِلكَ النُقطة، واجهوا القليلَ مِنَ الوحوشِ فقط. لقد ساروا طَوالَ اليومِ ولم يدخلوا سوى في قتالَينِ مع الوحوش. هذا أشبَهُ بالمُعجِزة.

“لماذ-لماذا هُنا…؟”

كانَ جنودُ بروز سريعين.

تمَ قَتلُ أقوى رِجالِ بيغوت بسهولةٍ مِن قِبَلِ حُراسِ إمبراطورِ بروز الشخصيين.

“والنساء أيضًا!”

“أنا مُتأكِدٌ مِن أنَّكَ تَعرِفُ بالفعل، لكِنَني قائِدُ حُارسِ الإمبراطور، كلاين دينولتاس! قديسُ الماء كلاين! هل تَعتَقِدُ بجديةٍ أنَّكَ يُمكِنُ أن تَفوزَ علي؟!”

وعِندَما سُئِلَ عن نوع الحظِ السعيدِ الذي تَجلِبُهُ التميمة، أجابَ بيغوت على النحو التالي: “لقد ساعدَتني إلهةٌ خِلالَ تِلكَ المعركة. وأنا أُقَلِدُها.”

“اللعنة!”

وهكذا تمَ إنشاء إلهةِ الغابةِ لين. حيثُ كانَ مِنَ الصَعبِ على أولئِكَ الموجودينَ في الجُزءِ الجنوبي مِنَ القارةِ الوسطى نُطقَ إسم غيلين، وهكذا أصبحَ إسمُها، الذي تَغيَرَ بِسَبَبِ لهجاتِهِم، لين. ظَهَرَتْ مِنَ الغابة، لإنقاذِ حياةِ الجِنرالِ العظيم، لتُصبِحَ إلهةَ الخلاص. إلهةُ الغابةِ لين.

“أوقِفوا المُقاومةَ وإستَسلِموا، ثُمَ قد تُحافِظونَ على الأقلِ على حياتِكُم!”

في الحقيقة، مَلِكُ ديكوتو هو جبانٌ وقد يخيم وظهرُهُ إلى الغابةِ حتى لا يَتِمَ القبضُ عليهِ في هجومٍ مُفاجئ من قبلِ إمبراطوريةِ بروز. سَـيؤدي الجمعُ بينَ هذهِ العواملِ لاحِقًا إلى نجاحِ بيغوت.

أُصيبَ بيغوت بالذُعر. مِنَ المُستَحيلِ أنْ يَستَسلِموا. حيثُ أنَّهمُ إذا تم القبضُ عليهِم والتحقيقُ معَهُم، فَسَـيَتِمُ كَشفُهُم. سوفَ تَسقُطُ ماركين. بعدَ ذلِك، سَـتَتَقاتَلُ إمبراطوريةُ بروز ومَملَكةُ ديكوتو. وغيرُ معروفٍ مَن سَـيفوز، ولكِن، في كلتا الحالتَينِ سَـتَختَفي الدولةُ التي إمتَلَكَ ذكرياتٍ جميلةً عنها.

فَـقد ظلَّ البَلَدانِ الأقربُ إلى ماركين، مَملَكةُ ديكوتو وإمبراطوريةُ بروز، حَذِرَينِ للغايةِ مِن بَلَدِ المُرتَزَقة. لقد خَطَطوا ضِدَها، وعِندَما إنهارتْ العلاقاتُ الدبلوماسية، أعلنَ كِلا البَلَدَينِ الحربَ على ماركين في وقتٍ واحِد.

من ناحيةٍ أُخرى، لم يَمتَلِك خياراتٍ أُخرى. فَـقد تمتْ مُحاصرَتُهُم، وإذا إستَمَرَ هذا لفترةٍ أطول، فإنَّ تدميرَهُم سَـيَكونُ حتميًا.

“سـ-سيفُ الضوء…هـ-هكذا، هذا هو أسلوبُ إلهِ السيف…؟”

أنا آسِف، ماركين. إعتذرَ بيغوت لرفيقِهِ العزيزِ في قَلبِه. هذا بالضبطِ عندما حَدَثَ كُلُ شيء.

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

“غرااغاه!”

حينَها إختفى أيُّ أملٍ لهذِه البِلاد. أما بالنسبةِ لبعضِ المُرتَزَقةِ الذينَ إمتَلَكوا عقولًا فَـقد فَروا إلى بُلدانٍ أُخرى أو خانوا ماركين. بعدَها حَدَثَتْ المعرَكةُ الحاسِمة، والتي أصبَحَتْ تُعرَفُ بعدَ ذلِكَ بإسمِ المعركةِ الأخيرةِ لبقايا ماركين، وحَدَثَتْ في منطقةٍ سهليةٍ كبيرة.

جاءتْ سِحليةٌ عِملاقةٌ تُحَلِقُ نحوَهُم. جسدها، الذي يَبلُغُ طولُهُ خمسةَ أمتار، أخضرٌ زاهي، لكِنَ بشكلٍ مُرعِبٍ مليء بالجروحِ المفتوحة، والدمُ يَتَدفَقُ مِنها. خَرَجَتْ الفُقاعاتُ الحمراءُ مِن فَمِها أثناء تَحَرُكِها بينَ المجموعتَينِ المُتَقاتِلَتَينِ وإنهارَت. ثُم، بعدَ لحظةٍ فقط مِن ذلِك…

“على أيِّ حال، هذا هو بلدُ ماركين في منطقةِ الصراعات. لا خطأ في هذا بالتأكيد.”

“آآآه!”

بمُجَرَدِ إنتهاءِ تِلكَ المعركةِ الحاسِمة، بدأ الجِنرالُ العظيمُ بيغوت بِـفعلِ شيءٍ غريب. حيثُ بدأ يَرتَدي قِلادةً بها صورةُ أُنثى وحش مَحفورةٌ عليها، وبدأ في طلاءِ شفرةِ سيفِهِ باللونِ الأحمر، وقال. “إنَّها تَميمةُ حظ.”

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

“جاااه!”

 

وقبلَ أنْ يَستَطيعوا فِهمَ أيِّ شيء. بعدَ ذبحِ السحلية، لم يَتَوقَف الوحشُ البريُّ عن الحركة. قَفَزَ مِن على الأرض، وفي غمضةِ عين، قَطَعَ إثنَينِ مِن حُراسِ الإمبراطور.

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

“ماذا تفعَل؟!”

“لماذ-لماذا هُنا…؟”

لِـلَحظةٍ إعتَقَدَ بيغوت أنْ هذا يَجِبُ أنْ يكونَ حاكِمَ الغابة. ومعَ ذلِك، إمتَلَكَ هذا الوحشُ البريُّ شَكلَ الإنسان. جِلدٌ بُنيٌّ دافئ، شَعرٌ أحمرٌ ناريٌّ وإثنَينِ مِن آذانِ الوحشِ مُنتَصِبَتَينِ بالكاِمل. كما إنَّهُ يَحمِلُ سيفًا. سيفٌ ذو شِفرةٍ رقيقةٍ مِن جانبٍ واحِد، يَلمَعُ بلونٍ أحمرٍ غريب، وعليهِ نقشٌ غامِض.

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

“من أنت؟!” صَرَخَ كلاين، قائِدُ الحُراسِ الإمبراطوريين، أثناءَ تَقَدُمِهِ إلى الأمام.

لحُسنِ الحظ، إمتَلَكَ بيغوت خِبرةً في المناورةِ عبرَ الغابة، وهو ما يكفي لتَجَنُبِ مواجهةِ أيِّ وحوش. وحتى لو صادَفَ وحشًا، فَـهو يَمتَلِكُ على الأقلِ القوةَ لقتلِهِ قبلَ أنْ يَطلُبَ المُساعدة. طالما تَمَكَنوا مِن ذلِك، فَسَـيكونونَ على ما يُرام.

“غررر!” الوحشُ لم يُجِب. على ما يبدو رَصَدَ فقط وجودَ عدوٍ يَحمِلُ سيفًا أمامَه.

“كيف تجرؤ!”

“آآآه!”

 

“غااااه، قاتِلني!”

وَجَدَ إمبراطورُ بروز عدمِ عودةِ حُراسِهِ الشخصيين أمرًا يجلِبُ الشك. وإشتَبَهَ في أنَّ مَملَكةَ ديكوتو كانَتْ تُخَطِطُ لكمينٍ لقواتِه، وأنَّ حُراسَهُ الشخصيينَ قد قُتِلوا بعد إكتشافِ مؤامَرَتِهِم. فَـبعدُ كُلِ شيء، الجيشُ الرئيسي لمَلِكِ ديكوتو مُتَمركِزٌ بالقُربِ مِنَ الغابة. مِنَ المُحتَمَلِ أنْ تَكونَ جُزءٌ قواتِهِم يختَبِؤنَ في الداخِل.

مع صرخةٍ أُخرى، هاجَمَ الوحشُ كلاين. كلاين هو قديسُ ماء. وأسلوبُ إلهِ الماءِ معروفٌ بِـقُدرَتِهِ على صَدِّ أيِّ هجومٍ وإطلاقِ هجومٍ مُضادٍ مُميت.

تمَ قَتلُ أقوى رِجالِ بيغوت بسهولةٍ مِن قِبَلِ حُراسِ إمبراطورِ بروز الشخصيين.

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

“غااااه، قاتِلني!”

“سـ-سيفُ الضوء…هـ-هكذا، هذا هو أسلوبُ إلهِ السيف…؟”

قادَ بيغوت المُرتَزَق، قائِدُ الوحدةِ الثالِثةِ مِن شَرِكةِ مُرتَزَقةِ ماركين، عشرةً مِن رجالِهِ إلى أعماقِ الغابة. كانَتْ غابةُ إيجين موبوءةً بالوحوش. مُنذُ زمنٍ سحيق، مَنَعَ حاكِمُ هذهِ المنطقةِ المُرورَ عبرها، أو هكذا قالَ أولئِكَ الذينَ عاشوا في مكانٍ قريبٍ بالإجماع. حتى أنَّ الحطابينَ رفضوا دخولَ غابةِ إيجين. وهذا يعني أنَّ المرورَ بالقواتِ أمرٌ مُستَحيل. حتى في هذهِ المعركةِ الحالية، تَجَنَبَتْ الدَولَتانِ المُعاديتان لماركين الإقترابَ مِنَ الغابة.

عِندَما تصادَمَ سَيفُ الوحشِ بسيفِ كلاين، كُسِرَتْ شَفرَةُ كلاين إلى نصفَين. ثُمَ إنقَسَمَ دِرعُ كلاين حيثُ قَطَعَ الهجومُ ملابِسَهُ وجِلدَهُ وعضلاتَهُ وأخيرًا عَظمَهُ بلا تَوَقُف. وهكذا تَمَ فَصلُ القسمِ العلويِّ مِن جَسَدِ كلاين عن القسمِ السُفلي. لم يَتَراجَع جنودُ بروز حتى عِندَما سَقَطَ جِذعُ قائِدُهُم أمامَهُم.

“قطعُ أيِّ شخصٍ يقِفُ في طريقي. هذا كُلُ شيء.” بدتْ الضراوةُ في عينَيها وجَعَلَتهُ يَشُكُ عودَتِها إلى رُشدِها حقًا أم لا. لم يعرِف بيغوت ماذا يقول. فقط مَن أثارَها هكذا؟

“كيف تجرؤ!”

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

“قائِدُنا!”

على الرُغمِ مِن ذلِك، فَـقدْ فَقَدَ أحدَ رِجالِه. لقد ظَلوا يَتَحركونَ بحذرٍ شديد، إلا أنَّ نَمِرَ ورقةٍ حمراء مُختبئًا بينَ الأعشابِ قد هاجَمَهُم. ولعدمِ وعيِّهم به، مات جُنديٌّ واحِد. لكِنَ الوحشَ كانَ مُصابًا بالفِعلِ بجروحٍ خطيرةٍ وبدا أنَّهُ يَهرُبُ مِن شخصٍ ما. نَمِرُ الورقةِ الحمراء هو أكثرُ الوحوشِ رُعبًا في هذهِ الغابة. فقط مَن في هذا العالمِ يُمكِنُهُ فِعلُ كُلُ هذا به؟

“سَـنَنتَقِمُ له!”

“ا-اللعنة!”

هُم جميعًا مُقاتلينَ مِنَ الفئةِ المُتَوسِطةِ إما في أسلوبِ إلهِ الماء أو أسلوبِ إلهِ السيف. أقوياءٌ بما فيهِ الكفاية. ولكِن…

“قطعُ أيِّ شخصٍ يقِفُ في طريقي. هذا كُلُ شيء.” بدتْ الضراوةُ في عينَيها وجَعَلَتهُ يَشُكُ عودَتِها إلى رُشدِها حقًا أم لا. لم يعرِف بيغوت ماذا يقول. فقط مَن أثارَها هكذا؟

“غاااا!” عوى الوحش. مع كُلِ أرجوحةٍ مِن شفرةِ الدمِ الحمراء، تم تشريحُ أحدُ هؤلاء الجنود. تَحَرَكَ الوحشُ مِثلَ ومضةٍ مِنَ الضوء. صَوتُها وحدهُ كافٍ لجعلِ المرء يرتَجِف. لا أحدَ إستطاعَ مُجاراتَها. وفي لحظات، تَمَ القضاءُ على الحُارسِ جميعًا.

بمُجَرَدِ إنتهاءِ تِلكَ المعركةِ الحاسِمة، بدأ الجِنرالُ العظيمُ بيغوت بِـفعلِ شيءٍ غريب. حيثُ بدأ يَرتَدي قِلادةً بها صورةُ أُنثى وحش مَحفورةٌ عليها، وبدأ في طلاءِ شفرةِ سيفِهِ باللونِ الأحمر، وقال. “إنَّها تَميمةُ حظ.”

“…”

“على أيِّ حال، هذا هو بلدُ ماركين في منطقةِ الصراعات. لا خطأ في هذا بالتأكيد.”

أثناء هذا، لم يَستَطِع بيغوت ورجالُهُ التَحرُكَ حتى. بل لم يَمتَلِكوا حتى أيَّ فِكرةٍ عَمَّا حَدَثَ للتو. ظَهَرَ الوحشُ مِنَ العدم، وفي عرضٍ ساحقٍ للقوة، دَمَرَ كُلَ شيءٍ في طريقِه. لكِن لماذا؟ لأيِّ غرض؟

“ماذا تفعَل؟!”

“غررر!”

لم يعرِف بيغوت أيَّ شيءٍ عن هذا.

الآن بدأتْ تَنظُرُ في إتجاهِهِم. بدَتْ عُيونُ الوحشِ مليئةً بالجنون. وهذهِ العيونُ الآنَ تُرَكِزُ إهتمامَها على بيغوت ورجالِه، مليئةً بالدم، وتَضَخَمَ خَوفُهُم.ملابِسُ الوحشِ مكشوفةٌ لا تُغطي أيَّ شيءٍ تقريبًا، لكِنَ الخوفَ طغى على أيِّ شعورٍ بالشهوةِ الذي رُبَما قد شَعَروا.

وهكذا، قادَ عشرةَ مُقاتِلين. ثلاثةٌ مِنهُم مُقاتلينَ بالسيفِ مِنَ الطَبَقةِ المُتَوَسِطةِ في أسلوبِ إلهِ الشَمال، بينما كانَ السبعةُ الآخرونَ مُرتَزَقةً غيرَ مُرتَبطينَ بـأيٍّ مِن أنماطِ السيفِ الثلاثة. وبيغوت نفسهُ هو مُبارِزٌ بأسلوبِ إلهِ السيفِ في المرتَبةِ المُتَقَدِمة، لكِن، لم يوجَد في مجموعَتِهِم أيُّ مُعالِجٍ أو أيُّ شخصٍ مُمَيز.

هذا صحيح—كانَ هذا الوحشُ امرأةً. كانَ لهُ شَكلُ امرأة. بمُجَرَدِ أنْ أدركَ ذلِك، بدأتْ المُحرِكاتُ الموجودةُ في الجُزءِ الخلفيِّ مِن عقلِ بيغوت في العَمَل.

“فَهِمت. آسِفةٌ لإعتراضِ طريقِك.” بدأتْ غيلين في المشيِّ بعيدًا. وبعدَ بضعِ خطواتٍ تَوَقَفَتْ فجأةً ونَظَرَتْ إلى الوراء، أمالَتْ رأسَها وقالَت. “بالمناسبة، أينَ هذا المكان؟”

لقد تَذَكَرَ قِصةَ قديسِ السيفِ الذي عَلَمَهُ المُبارزة. قديسُ السيف هذا كانَ مُحارِبًا عادِلًا ومُشَرِفًا مِن أسلوبِ إلهِ السيف والذي تَدَربَ في أرضِ السيوفِ المُقدَسة. لم يُخبِرهُ لماذا قَرَرَ أنْ يُصبِحَ مُرتَزَقًا، لكِنَهُ تَحَدَثَ عن تَجرُبَتِهِ التدريبيةِ السابِقة.

 

عن أحدِ الأشخاصِ الآخرينَ هُناكَ وعن كونِهِ عنيفًا لا يَستَمِعُ لأيِّ شخص. مِثلَ الكَلبِ المَجنونِ تقريبًا. حيثُ تَفَوَقَتْ عليهِ وأصبَحَتْ مَلِكَ سيف، لكِنَها ليسَتْ شخصًا سيئًا. مُجَرَدُ حمقاء. ويَكرَهُها الجميعُ لأنَّها تَفقِدُ السيطرة في الحالاتِ القصوى وتُصبِحُ مجنونةً، مُهاجِمةً الجميع، لا يُهِمُ أصديقٌ هُم أم عدو.

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

المُبارِزُ في تِلكَ الحكايةِ هي المرأةُ التي أمامَهُ الآن. فَـهذا الوصفُ يَنطَبِقُ عليها تمامًا.

حينَها جاء دورُ الإستراتيجية. في المَعرَكةِ السابِقة، قاموا بنَهبِ العديدِ مِن بدلاتِ دروعِ جنودِ إمبراطوريةِ بروز. لهذا سَـيَرتَدي جنودُ ماركين هذهِ البَدلاتِ ثُمَ يُهاجِمونَ إمبراطوريةِ ديكوتو مِنَ الخلف.

“بأيِّ فُرصة…” نادها بيغوت أثناء تأديتِهِ لأسلوبِ التحيةِ الخاصِ بأسلوبِ إلهِ السيف والذي عَلَمَهُ إياهُ مُعَلِمُه، إنحنى على رُكبةٍ واحِدةٍ وقَدَمَ رأسَهُ إلى الأمام، مُظهِرًا الإحترامَ والخضوع. “…هل أنتِ مَلِكُ السيف، غيلين ديدوروديا-ساما؟!”

“إنَّهُ أمرٌ لا يُصَدَقُ أنَّنا خَرَجنا مِن هُناكَ على قيدِ الحياة.”

في اللحظةِ التي قالَ فيها بيغوت هذا، هدأ الوحش. وبعدَ وقتٍ قصير، إستعادَتْ غيلين إحساسَها بِعَقلِها.

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

“كثيرًا ما سَمِعتُ شائعات، لكِنَني لم أحلُم أبدًا أنَّني سألتَقي بكِ في مكانٍ كهذا.”

في السَنَةِ 417 مِن تاريخِ عصرِ التِنينِ المُدَرَع.

لم تَرُدَّ على كلماتِه. وبدلًا مِن ذلك، نَظَرَتْ إليهِ بعينَيها المُحتَقِنَتَينِ بالدماء وإستَجوَبَتهُ بشكلٍ واقعيٍّ للغاية. “أنتَ هُناك، هل رأيتَ فتاةً في الثانيةِ عشرةَ مِن عُمُرِها لها شَعرٌ أحمرٌ نقي؟ أو صبيٌّ العاشِرةِ مِن عُمُرِهِ يُتقِنُ السِحر؟”

“آآآه!”

“لا، لم أفعل.” هزَّ رأسَه، وبدأ في التَفكيرِ بكلِماتِها. فتاةٌ ذاتُ شعرٍ أحمرٍ تبلغُ مِنَ العُمرِ إثنَي عَشَرَ عامًا تقريبًا. فتًى ساحِرٌ يَبلُغُ مِنَ العُمرِ حوالي عشرة أعوام. لقد رأى العديدَ مِنَ العبيدِ مثل هؤلاء في حياتِه، لكِن ليسَ في هذهِ المنطقة. إلى جانبِ ذلِك، فَـهذهِ غابةُ إيجين. مكانٌ مليئٌ بالوحوش. لماذا تَعتَقِدُ أنَّ أطفالًا سَـيَكونونَ في مكانٍ مِثلِ هذا؟

لم تَرُدَّ على كلماتِه. وبدلًا مِن ذلك، نَظَرَتْ إليهِ بعينَيها المُحتَقِنَتَينِ بالدماء وإستَجوَبَتهُ بشكلٍ واقعيٍّ للغاية. “أنتَ هُناك، هل رأيتَ فتاةً في الثانيةِ عشرةَ مِن عُمُرِها لها شَعرٌ أحمرٌ نقي؟ أو صبيٌّ العاشِرةِ مِن عُمُرِهِ يُتقِنُ السِحر؟”

“فَهِمت. آسِفةٌ لإعتراضِ طريقِك.” بدأتْ غيلين في المشيِّ بعيدًا. وبعدَ بضعِ خطواتٍ تَوَقَفَتْ فجأةً ونَظَرَتْ إلى الوراء، أمالَتْ رأسَها وقالَت. “بالمناسبة، أينَ هذا المكان؟”

لقد شَكَلَ هذانِ البلدانِ تحالُفًا مؤقتًا فقط لهزيمةِ ماركين. وبِـمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، سيبدأ الإثنانِ حتمًا بالقِتالِ مِن أجلِ السيطرةِ على الأرضِ التي إحتَلوها. ومعَ تصاعُدِ التَوَتُرِ بينَهُما حيثُ بدأ كِلا البَلَدَينِ في التَفكيرِ في الأساليبِ الأكثرَ فائدةً لهُما. لن يَتَطلبَ الأمرُ سِوى دفعةً واحِدةً صغيرةً حتى يَتَدمرَ تحالُفُهُم، مِمَّا يَخلُقُ صِراعًا بينَهُم. وهذا هو بالضبطِ ما يُريدُهُ ماركين.

بيغوت، أيضًا، أمالَ رأسَه. ثُمَ أخبرَها أنَّها في مَنطقةِ الصراعات، الواقِعةِ في أقصى شمالِ النصفِ الجنوبيِّ مِنَ القارةِ الوسطى. ثُمَ أوضحَ أنَّهُم في غابةٍ داخِلَ الجُزءِ الشمالي مِن بَلَدِ ماركين المُرتَزَقة.

“…”

بيغوت ورِجالُهُ الآن في مُنتَصَفِ عمليتِهِم الإنتحارية. لم يَمتَلِكوا مُتَسعًا مِنَ الوقتِ للشرح، لكِنَها قد أنقذتْ حياتَهُم قبلَ قليلٍ فقط، ولو أزعَجوها، فقد يَتِمُ القضاءُ عليهِم. لذا فَـهذهِ مُحاولةٌ لإدارةِ الأزمات.

وهكذا تَمَ تَكليفُ بيغوت، المعروفُ بكونِهِ جريئًا وحازِمًا، بالمسؤوليةِ عن العملية. سَـيَمُرُ عبرَ الغابةِ مع قوةٍ صغيرةٍ ويُهاجِمُ قواتَ ديكوتو.

“مستحيل.” لم تَستَطِع غيلين تصديقَ ذلِك. لم تَفهَم كيفَ إنتهى بها الأمرُ هُنا.

“أين كُنتَ مُتَمَركِزًا أنت؟”

بعدَها سألَ بيغوت عن وضعِها. كانَتْ تعملُ كحارسٍ شخصيٍّ لفتاةٍ صغيرةٍ في منطقةِ فيدوا في مَملَكةِ آسورا عندما تعرضوا للهجوم. وقبل أنْ تَعرِف، إبتَلَعَها ضوءٌ أبيضٌ غامضٌ وإنتهى بها الأمرُ في هذهِ الغابة. وأثناء مُحارَبَتِها لجيوشِ الوحوش، فَقَدَتْ نفسَها في إثارةِ المعركةِ وتَحَوَلَتْ إلى وضعِ الهائجِ قاتِلةً أيَّ شيءٍ يَقتَرِبُ مِنها.

هذا يعني أيضًا أنَّهُم إذا تعرضوا للهجومِ مِن قبلِ مثلِ هذا المخلوق، فلن يَخرُجَ هو ولا رجالُهُ التِسعةُ المُتبقينَ سالمين. لذلِكَ تعاملَ مع الوضعِ بحذرٍ أكثرَ مِن ذي قبل.

“على أيِّ حال، هذا هو بلدُ ماركين في منطقةِ الصراعات. لا خطأ في هذا بالتأكيد.”

لهذا قَرَرَ المَلِكُ ماركين الإستفادةَ مِن ذلِك. حيثُ سَـتَختَرِقُ قواتُهُم الغابةَ وتَشِنُ هجومًا مُفاجِئًا على أحدِ جَيشَي أعدائِهِم. خُطةٌ بسيطةٌ ولكِنَها فعالة.

“هكذا إذن.” تَوقَفَتْ غيلين عن التفكير.

وهكذا إنطَلَقَ الحُراسُ الشخصيونَ على الفورِ إلى الغابة. لكِن، في ظروفٍ غامضةٍ للغاية، لم يواجِهوا أيَّ وحوش، ولكِن بدلًا مِن ذلِكَ وَجَدوا بيغوت ومجموعَتَه.

لم يَمتَلِك بيغوت أيَّ فِكرةٍ عَمَّا تُفَكِرُ فيه. بعدَ خمسِ ثوانٍ طويلة، نَظَرَتْ أخيرًا إلى السماء.

وَجَدَ بيغوت نَفسَهُ مُحاطًا بالأعداء، لكِنَهُ لا يَزالُ على قيدِ الحياة. مُهِمَتُهُ كانَتْ أن يَموتَ لكي يخدَعَ مَملَكةَ ديكوتو ليَعتَقِدوا أنَّ هُجومَهُ مِن تدبيرِ إمبراطورية بروز، ومعَ ذلِكَ فَـقد تَشَبَثَ بالحياة. هو ورِجالُهُ قد إنفَصَلوا بالفعل، والحليفُ الوحيدُ القريبُ مِنهُ هو مُقاتِلٌ واحِد.

“ثُمَ يجبُ أنْ أذهبَ جنوبا للعودةِ إلى آسورا.”

في حانةٍ تَقَعُ في إحدى زوايا ماركين. هُناك، كانَ أحدُ المُرتَزَقةِ يَتَفاخَرُ أمامَ آخرٍ حولَ إحدى الندوبِ فوقَ كَتِفِه.

وهكذا مُستَخدِمةً الشمسَ كَـدليل، حَوَلَتْ إتجاهها نحوَ الجنوب. وهذا هو نفسُ الإتجاهِ الذي يَتَحرَكُ إليهِ بيغوت ورجالُه.

“آملُ أنْ يكونَ روديوس مع السيدة إيريس، لكِن هُناكَ فُرصةٌ كبيرةٌ لأنْ يَتِمَ نَقلُهُما إلى مكانٍ آخرَ مِثلَما حَدَثَ معي. عليَّ أنْ أُسرع.”

“مِن فضلِكِ إنتظري. هُناكَ مُعسكَرُ للعدوِ موجودٌ في هذا الإتجاه.”

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

“وماذا في ذلك؟”

لقد شَكَلَ هذانِ البلدانِ تحالُفًا مؤقتًا فقط لهزيمةِ ماركين. وبِـمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، سيبدأ الإثنانِ حتمًا بالقِتالِ مِن أجلِ السيطرةِ على الأرضِ التي إحتَلوها. ومعَ تصاعُدِ التَوَتُرِ بينَهُما حيثُ بدأ كِلا البَلَدَينِ في التَفكيرِ في الأساليبِ الأكثرَ فائدةً لهُما. لن يَتَطلبَ الأمرُ سِوى دفعةً واحِدةً صغيرةً حتى يَتَدمرَ تحالُفُهُم، مِمَّا يَخلُقُ صِراعًا بينَهُم. وهذا هو بالضبطِ ما يُريدُهُ ماركين.

ماذا في ذلِك؟ أعني، ما الذي تُخَطِطينَ للقيام به؟”

هذا صحيح—كانَ هذا الوحشُ امرأةً. كانَ لهُ شَكلُ امرأة. بمُجَرَدِ أنْ أدركَ ذلِك، بدأتْ المُحرِكاتُ الموجودةُ في الجُزءِ الخلفيِّ مِن عقلِ بيغوت في العَمَل.

“قطعُ أيِّ شخصٍ يقِفُ في طريقي. هذا كُلُ شيء.” بدتْ الضراوةُ في عينَيها وجَعَلَتهُ يَشُكُ عودَتِها إلى رُشدِها حقًا أم لا. لم يعرِف بيغوت ماذا يقول. فقط مَن أثارَها هكذا؟

مع أغراضِهِم في يدٍ وأكوابِ النبيذِ في اليدِ الأُخرى، شَرِبَ المُرتَزَقانِ كوبا الكحول حتى آخرِ قطرة. تِلكَ هي طَريقَتُهُم في التَضَرُعِ لتِلكَ الإلهة.

“آملُ أنْ يكونَ روديوس مع السيدة إيريس، لكِن هُناكَ فُرصةٌ كبيرةٌ لأنْ يَتِمَ نَقلُهُما إلى مكانٍ آخرَ مِثلَما حَدَثَ معي. عليَّ أنْ أُسرع.”

“مستحيل.” لم تَستَطِع غيلين تصديقَ ذلِك. لم تَفهَم كيفَ إنتهى بها الأمرُ هُنا.

بعد سماعِ ذلِك، فَهِم. ‘نَحنُ لسنا مُختَلِفَين’، هذا ما فَكَرَ فيهِ بيغوت. فَـهذانِ الطِفلان، وخاصةً الفتاةُ ذاتُ الشعرِ الأحمر، أكثرَ أهميةً مِن أيِّ شيءٍ آخرَ بالنسبةِ لِـمَلِكِ السيف. وهي يائِسةٌ لحمايةِ ما هو ثمينٌ بالنسبةِ لها.

بعد سماعِ ذلِك، فَهِم. ‘نَحنُ لسنا مُختَلِفَين’، هذا ما فَكَرَ فيهِ بيغوت. فَـهذانِ الطِفلان، وخاصةً الفتاةُ ذاتُ الشعرِ الأحمر، أكثرَ أهميةً مِن أيِّ شيءٍ آخرَ بالنسبةِ لِـمَلِكِ السيف. وهي يائِسةٌ لحمايةِ ما هو ثمينٌ بالنسبةِ لها.

“في هذهِ الحالة، لماذا لا نَتَحركُ معًا؟ لدينا أيضًا شيءٌ لرعايتِهِ في هذا الإتجاه.”

***

“جيدٌ جدًا.”

“سـ-سيفُ الضوء…هـ-هكذا، هذا هو أسلوبُ إلهِ السيف…؟”

لسَبَبٍ ما شعرَ بيغوت بالفخرِ بشكلٍ خاص. على الرُغمِ مِن إختلافِ أهدافِهِم، إلا أنَّهُ شَعَرَ أنَّهُ الآنَ يَقِفُ جنبًا إلى جَنبٍ مع مَلِكِ السيف هذه، يُقاتِلُ مِن أجلِ شيءٍ يُريدُ حمايتَه.

هذا صحيح—كانَ هذا الوحشُ امرأةً. كانَ لهُ شَكلُ امرأة. بمُجَرَدِ أنْ أدركَ ذلِك، بدأتْ المُحرِكاتُ الموجودةُ في الجُزءِ الخلفيِّ مِن عقلِ بيغوت في العَمَل.

خَرَجَ بيغوت ورِجالُهُ وغيلين مِنَ الغابةِ وهاجموا مَملَكةَ ديكوتو مِنَ الخلف. وبِسَبَبِ حظِهِم الجيد. بمُجَرَدِ أنْ بدأتْ المَعركةُ مع ماركين، رَكَزَتْ جميعُ القواتِ على ما هو أمامَهُم مُتجاهلينَ مؤخِرةَ الجيش.

شَرقُ مَملَكةِ آسورا ومُباشرةً خلفَ الجِبال، في وسطِ القارةِ الوسطى، يَقَعُ مجالٌ فيهِ العديدُ مِنَ الدولِ الصغيرةِ التي تُقاتِلُ بعضَها البعضَ مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقة. في هذا المكان، تُبنى البُلدانُ فقط لكي تَتَدمرَ بعدَ ذلِكَ بوقتٍ قصير ثُمَ يُعادُ بِنائُها مرةً أُخرى، إنَّها تُسمى مَنطقةَ الصِراعاتِ مِن قِبَلِ السُكانِ المَحَليين.

وَجَدَ إمبراطورُ بروز عدمِ عودةِ حُراسِهِ الشخصيين أمرًا يجلِبُ الشك. وإشتَبَهَ في أنَّ مَملَكةَ ديكوتو كانَتْ تُخَطِطُ لكمينٍ لقواتِه، وأنَّ حُراسَهُ الشخصيينَ قد قُتِلوا بعد إكتشافِ مؤامَرَتِهِم. فَـبعدُ كُلِ شيء، الجيشُ الرئيسي لمَلِكِ ديكوتو مُتَمركِزٌ بالقُربِ مِنَ الغابة. مِنَ المُحتَمَلِ أنْ تَكونَ جُزءٌ قواتِهِم يختَبِؤنَ في الداخِل.

أحدُ تِلكَ البُلدانِ الصغيرةِ في مَنطَقةِ الصِراعاتِ هي بلدةُ ماركين المُرتَزَقة. إنَّها بلدةٌ أسَسَها المُرتَزَقُ العظيمُ الذي حَمَلَتْ إسمه، وأصبَحَتْ دولةً مُحِبةً للحربِ قامَ إقتصادُها على إرسالِ المُرتَزَقةِ إلى الدولِ المُجاوِرة.

في الحقيقة، مَلِكُ ديكوتو هو جبانٌ وقد يخيم وظهرُهُ إلى الغابةِ حتى لا يَتِمَ القبضُ عليهِ في هجومٍ مُفاجئ من قبلِ إمبراطوريةِ بروز. سَـيؤدي الجمعُ بينَ هذهِ العواملِ لاحِقًا إلى نجاحِ بيغوت.

تلا ذلِكَ مَعركةٌ فوضوية. وفي خضمِ القتالِ العنيف، إنفَصَلَ بيغوت عن غيلين، لكِنَهُ تَمَكَنَ مِنَ الإنضمامِ لرفاقِه. رَنَّتْ صيحاتُ الفرحِ بينَ مُرتَزَقةِ ماركين عندما تعرفوا على بيغوت وإتَخَذوا موقِفًا حازِمًا مِن حولِه. وبدلًا مِنَ التراجُع، بقي بيغوت في الخطوطِ الأماميةِ وإستَمَرَ في القِتال.

عوَتْ غيلين وأطلقَ بيغوت صرخةً شَرِسةً أثناء قيادَتِهِ لرجالِهِ إلى المعركة. إتَجَهوا مُباشرةً إلى مُعسكَرِ العدو حيثُ تَمَ إنشاءُ خيمةِ مَلِكِ ديكوتو.

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

أُصيبَ المَلِكُ بالدهشةِ بِسَبَبِ الهجوم المُفاجئ. وعِندَ رؤيةِ دروعِهِم، إعتَقَدَ على الفورِ أنَّ إمبراطور بروز قد شَنَّ هُجومًا مُتَسلِلًا مِن الغابة. وأمَرَ بشنِ هجومٍ على إمبراطورية بروز. ثُمَ حاولَ الإحتماءَ مِنَ الفوضى.

الآن بدأتْ تَنظُرُ في إتجاهِهِم. بدَتْ عُيونُ الوحشِ مليئةً بالجنون. وهذهِ العيونُ الآنَ تُرَكِزُ إهتمامَها على بيغوت ورجالِه، مليئةً بالدم، وتَضَخَمَ خَوفُهُم.ملابِسُ الوحشِ مكشوفةٌ لا تُغطي أيَّ شيءٍ تقريبًا، لكِنَ الخوفَ طغى على أيِّ شعورٍ بالشهوةِ الذي رُبَما قد شَعَروا.

بعد عشرِ ثوانٍ فقط مَزَقَتْ غيلين مَلِكَ ديكوتو بشَفرَتِها، مِمَّا أدى إلى مَقتَلِه. لو بقيَّ على قيد الحياة، لأدركَ أنَّ بيغوت ورِجالَهُ ليسوا مِن إمبراطوريةِ بروز وتراجعَ عن أوامِرِه، لكِنَ المرسومَ الإمبراطوري يَمتَلِكُ سُلطةً مُطلقةً. وهكذا دَخَلَتْ مَملَكةُ ديكوتو في معركةٍ ضِدَ إمبراطورية بروز.

“فَهِمت. آسِفةٌ لإعتراضِ طريقِك.” بدأتْ غيلين في المشيِّ بعيدًا. وبعدَ بضعِ خطواتٍ تَوَقَفَتْ فجأةً ونَظَرَتْ إلى الوراء، أمالَتْ رأسَها وقالَت. “بالمناسبة، أينَ هذا المكان؟”

لقد تَوَقَعَتْ إمبراطوريةُ بروز أنْ يأتيَّ مِثلُ هذا الهجوم، لذلِكَ، إستَطاعوا خوضَ معركة. حينَها بالضبط، شَنَّ بلدُ ماركين هجومَه. هُجومًا مِن ثلاثِ إتجاهات.

“مستحيل.” لم تَستَطِع غيلين تصديقَ ذلِك. لم تَفهَم كيفَ إنتهى بها الأمرُ هُنا.

وَجَدَ بيغوت نَفسَهُ مُحاطًا بالأعداء، لكِنَهُ لا يَزالُ على قيدِ الحياة. مُهِمَتُهُ كانَتْ أن يَموتَ لكي يخدَعَ مَملَكةَ ديكوتو ليَعتَقِدوا أنَّ هُجومَهُ مِن تدبيرِ إمبراطورية بروز، ومعَ ذلِكَ فَـقد تَشَبَثَ بالحياة. هو ورِجالُهُ قد إنفَصَلوا بالفعل، والحليفُ الوحيدُ القريبُ مِنهُ هو مُقاتِلٌ واحِد.

المُبارِزُ في تِلكَ الحكايةِ هي المرأةُ التي أمامَهُ الآن. فَـهذا الوصفُ يَنطَبِقُ عليها تمامًا.

هُناك، أمامَهُ مُباشرةً. لَحِقَ بِـظِلِ ظَهرِها البُنيِّ، وهي تَقطَعُ طريقَ العدو. لم يرَّ مِثلَ هذا الشخصِ الموثوقِ بهِ مِن قبل. لقد شَعَرَ بالفخرِ الشديدِ لحمايةِ ظهرِها.

“حسنًا، هذا ما يُسمى نِعمةَ إلهةِ الغابة.”

في النهايةِ لم يعُد بإمكانِهِم رؤيةُ دروعِ مَملَكةِ ديكوتو مِن حولِهِم. بدلًا مِن ذلِك، هُم الآنَ مُحاطينَ بجنودِ إمبراطورية بروز. بينما فوجِئتْ الإمبراطورية بتَطَفُلِ امرأةٍ تَحمِلُ شفرةً حمراء كَـالدم، فقد شاهدوها وهي تَقطَعُ رِجالَ مَملَكةِ ديكوتو ولاحَظوا أنَّ بيغوت يحمي ظهرَها بدرعهِ الخاصِ بجنودِ بروز. وهكذا ظَنوا خطًأ أنَّ بيغوت وغيلين حُلفاء.

“آآآه!”

حينَها إندَفَعَ جيشُ ماركين. إهتَزَتْ الدولَتانِ الحليفتانِ عندما بدأتْ المعرَكَةُ خلفَهُما. لم يَتِمَ كَسرُ التحالُفِ الخاصِ بهِم فحسب، بل تَمَّ كَسرُ تشكيلاتِهِم القتاليةِ أيضًا. ماركين، الذينَ يَنبغي أنْ يكونوا في وضعٍ غير مؤات، إختَرَقوا الخطوطَ الأمامية بكُلِ سهولة.

كانَ مِنَ المُقَدَرِ أنْ يكونَ بيغوت مُرتَزَقًا. فَـقد ولِدَ في فِرقةِ مُرتَزَقة. توفي والدِهُ في المعركةِ بينما والِدَتُهُ حامِلٌ به، وتوفيَّتْ والِدَتُهُ في المعركةِ بعدَ وقتٍ قصيرٍ مِن ولادَتِه. تَمَّ بيعُهُ كَـعَبدٍ وإشتراهُ ما سَـيُصبِحُ فيما بعدُ شَرِكةَ ماركين المُرتَزَقة. وهذا هو المكانُ الذي تَعَلَمَ فيهِ عن المُبارزةِ والمعارِك. مُنذُ ذلِكَ الحينِ عاشَ فقط مِن أجلِ المالِ والبقاء على قيدِ الحياة. لم يحلُم أبدًا أنَّهُ في نهايةِ كُلِ شيء، سَـيُقاتِلُ مِن أجلِ الشَرَف.

تلا ذلِكَ مَعركةٌ فوضوية. وفي خضمِ القتالِ العنيف، إنفَصَلَ بيغوت عن غيلين، لكِنَهُ تَمَكَنَ مِنَ الإنضمامِ لرفاقِه. رَنَّتْ صيحاتُ الفرحِ بينَ مُرتَزَقةِ ماركين عندما تعرفوا على بيغوت وإتَخَذوا موقِفًا حازِمًا مِن حولِه. وبدلًا مِنَ التراجُع، بقي بيغوت في الخطوطِ الأماميةِ وإستَمَرَ في القِتال.

لم يَمتَلِك بيغوت أيَّ فِكرةٍ عَمَّا تُفَكِرُ فيه. بعدَ خمسِ ثوانٍ طويلة، نَظَرَتْ أخيرًا إلى السماء.

إحتَدَمَتْ المعركة، وغُطيَّ الجنودُ بالطينِ والدم، ولم يُدرِكوا أبدًا ما يَحدُثُ مِن حولِهم.

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

تَلَقى بيغوت سَهمًا في عينهِ اليُسرى. وأثناء تَخَبُطِهِ بحثًا عن طريق، رآه.

في السَنَةِ 417 مِن تاريخِ عصرِ التِنينِ المُدَرَع.

شاهدَ ما حَدَث. رأى رجُلًا يرتَدي دِرعَ بروز فاخِرًا وذو لحيةٍ سوداء. ثُمَ رأى بيغوت وميضَ اللونِ الأحمرِ بالقُربِ مِن ذلِكَ الرجُل، إمبراطورُ بروز، قُطِعَ رأسُهُ مِن قبلِ امرأةٍ ذاتِ بشرةٍ بُنية.

وهكذا، قادَ عشرةَ مُقاتِلين. ثلاثةٌ مِنهُم مُقاتلينَ بالسيفِ مِنَ الطَبَقةِ المُتَوَسِطةِ في أسلوبِ إلهِ الشَمال، بينما كانَ السبعةُ الآخرونَ مُرتَزَقةً غيرَ مُرتَبطينَ بـأيٍّ مِن أنماطِ السيفِ الثلاثة. وبيغوت نفسهُ هو مُبارِزٌ بأسلوبِ إلهِ السيفِ في المرتَبةِ المُتَقَدِمة، لكِن، لم يوجَد في مجموعَتِهِم أيُّ مُعالِجٍ أو أيُّ شخصٍ مُمَيز.

“ها…هاه…هاهاها!” ضَحِك، وبينما هو يَضحَك، إنتَهَتْ المعركة. وعاشَ بيغوت.

***

إنتَهَتْ المَعرَكةُ النهائيةُ بإنتصارِ بلدِ ماركين المُرتَزَقة.

“سـ-سيفُ الضوء…هـ-هكذا، هذا هو أسلوبُ إلهِ السيف…؟”

 

لقد كانَ مسعًى خطيرًا بِـشَكلٍ لا يُصَدَق. فَـهُم لن يعودوا أحياءً حتى لو نَجَحوا. في الواقِع، قد يَضطَرونَ للإنتحارِ لِـتَجَنُبِ القَبضِ عليهُم. ولم يَتَمكَنوا من أخذِ أي شيءٍ قد يَدُلُ على هويتِهِم معهُم. لا أحدَ سَـيَعرِفُ مَن هُم أو مِن أينَ أتوا. ولا يوجَدُ شَرَفٌ في هذهِ المهمة. بدلًا مِن ذلِك، سيَموتونَ كَـخَوَنة.

***

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

 

“مستحيل.” لم تَستَطِع غيلين تصديقَ ذلِك. لم تَفهَم كيفَ إنتهى بها الأمرُ هُنا.

بفضلِ إنجازاتِه، حصلَ بيغوت على مَنصَبِ الجنرال. وتَمَ الإحتفالُ بهِ كَـبَطَلٍ أسطوري لأنَّهُ نَجَحَ في مُهمةٍ إنتحاريةٍ وأعدَمَ مَلِكَ ديكوتو.

“آملُ أنْ يكونَ روديوس مع السيدة إيريس، لكِن هُناكَ فُرصةٌ كبيرةٌ لأنْ يَتِمَ نَقلُهُما إلى مكانٍ آخرَ مِثلَما حَدَثَ معي. عليَّ أنْ أُسرع.”

بعد ذلِك، واصلَ بيغوت القيامَ بعملٍ مُذهِلٍ أدى إلى أنْ يَصيرَ مَعروفًا كواحِدٍ مِن أبرزِ الجنرالاتِ العُظماء في بلدِ ماركين المُرتَزَقة. ومع ذلِك، هذهِ قُصةٌ لوقتٍ آخر.

كانَ جنودُ بروز سريعين.

بمُجَرَدِ إنتهاءِ تِلكَ المعركةِ الحاسِمة، بدأ الجِنرالُ العظيمُ بيغوت بِـفعلِ شيءٍ غريب. حيثُ بدأ يَرتَدي قِلادةً بها صورةُ أُنثى وحش مَحفورةٌ عليها، وبدأ في طلاءِ شفرةِ سيفِهِ باللونِ الأحمر، وقال. “إنَّها تَميمةُ حظ.”

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

بدأ رجالُهُ في تقليدِه، وأولئِكَ الذين سَمِعوا حكاياتِهِم إتَبَعوا حَذوَه. وإستَمَرَتْ هذهِ العاداتِ في الإنتشارِ حتى أخَذَتْ شَكلَها الحديث.

وعِندَما سُئِلَ عن نوع الحظِ السعيدِ الذي تَجلِبُهُ التميمة، أجابَ بيغوت على النحو التالي: “لقد ساعدَتني إلهةٌ خِلالَ تِلكَ المعركة. وأنا أُقَلِدُها.”

وعِندَما سُئِلَ عن نوع الحظِ السعيدِ الذي تَجلِبُهُ التميمة، أجابَ بيغوت على النحو التالي: “لقد ساعدَتني إلهةٌ خِلالَ تِلكَ المعركة. وأنا أُقَلِدُها.”

“أتمنى أن نَظَلَّ نَنتَصِرُ في المعاركِ القادمةِ أيضًا! نَخبُك!”

وهكذا تمَ إنشاء إلهةِ الغابةِ لين. حيثُ كانَ مِنَ الصَعبِ على أولئِكَ الموجودينَ في الجُزءِ الجنوبي مِنَ القارةِ الوسطى نُطقَ إسم غيلين، وهكذا أصبحَ إسمُها، الذي تَغيَرَ بِسَبَبِ لهجاتِهِم، لين. ظَهَرَتْ مِنَ الغابة، لإنقاذِ حياةِ الجِنرالِ العظيم، لتُصبِحَ إلهةَ الخلاص. إلهةُ الغابةِ لين.

أينَ ذَهَبَتْ غيلين بعدَ ذلِك؟ هل هي لا تزالُ على قيدِ الحياة؟ هل نَجَتْ مِن تِلكَ المعركةِ وذَهَبَتْ عائِدةً إلى آسورا؟ هل إستطاعَتْ مُقابلةَ تِلكَ السيدةِ الشابةِ الثمينةِ بالنسبةِ لها مرةً أُخرى؟

وعلى مدى المائةِ عامٍ التالية، ظَلَّتْ تُعبَدُ كإلهةٍ لماركين، وقَدَمَتْ الدعمَ لقلوبِ العديدِ مِنَ الجنود. بالطبع، لم تَعرِف غيلين الحقيقيةُ أيَّ شيءٍ عن هذا.

بفضلِ إنجازاتِه، حصلَ بيغوت على مَنصَبِ الجنرال. وتَمَ الإحتفالُ بهِ كَـبَطَلٍ أسطوري لأنَّهُ نَجَحَ في مُهمةٍ إنتحاريةٍ وأعدَمَ مَلِكَ ديكوتو.

أينَ ذَهَبَتْ غيلين بعدَ ذلِك؟ هل هي لا تزالُ على قيدِ الحياة؟ هل نَجَتْ مِن تِلكَ المعركةِ وذَهَبَتْ عائِدةً إلى آسورا؟ هل إستطاعَتْ مُقابلةَ تِلكَ السيدةِ الشابةِ الثمينةِ بالنسبةِ لها مرةً أُخرى؟

“ها…هاه…هاهاها!” ضَحِك، وبينما هو يَضحَك، إنتَهَتْ المعركة. وعاشَ بيغوت.

لم يعرِف بيغوت أيَّ شيءٍ عن هذا.

حينَها إختفى أيُّ أملٍ لهذِه البِلاد. أما بالنسبةِ لبعضِ المُرتَزَقةِ الذينَ إمتَلَكوا عقولًا فَـقد فَروا إلى بُلدانٍ أُخرى أو خانوا ماركين. بعدَها حَدَثَتْ المعرَكةُ الحاسِمة، والتي أصبَحَتْ تُعرَفُ بعدَ ذلِكَ بإسمِ المعركةِ الأخيرةِ لبقايا ماركين، وحَدَثَتْ في منطقةٍ سهليةٍ كبيرة.

وهكذا إنطَلَقَ الحُراسُ الشخصيونَ على الفورِ إلى الغابة. لكِن، في ظروفٍ غامضةٍ للغاية، لم يواجِهوا أيَّ وحوش، ولكِن بدلًا مِن ذلِكَ وَجَدوا بيغوت ومجموعَتَه.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط