Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

الشطرنج الأبدي 41

مآسي.

مآسي.

الفصل 41 — مآسي.

“تشقق!!”

أطلق أليتاليس تنهيدة عميقة. لم يبدو خصمه معززاً عادياً. وبطبيعة الحال، كان هذا أمراً مسلّماً به؛ وإلا لما قد يعين كحارسٍ للأميرة؟

“اللعنة على هذا الهراء، أتقول إعدام؟؟ هذا…هذا إعدامٌ لنا!”

“ووش.”

كانت نظرته هادئة، إنعكس ظل الثلوج البيضاء في عينيه القرمزيتين. رفع إصبعه، وفي اللحظة التالية، ظهرت آلة عودٍ ذهبية في يد كاليد اليسرى، عندما برقت أحرفٌ متنوعة متشابكةٌ حولها، ما جعل أوتارها تتحرك لوحدها—

ظهر أرسيلوف بقرب أليتاليس في مرحلةٍ ما، فاركاً لحيته المسودة بيده النحيلة، كان صوته خشناً وجافاً:”هيه، يافتى إذهب وأقتل الأميرة. فأليس هذا بمرادك؟ وعليك بالإسراع، فخطرٌ آخر يلوح بالأفق.”

“ووش!”

للوهلة الأولى، كان أرسيلوف وكأنه يملك حقداً على الإمبراطورية. ولكن لمشعوذِ مثله، لم يكن من المهم إحتياج سببٍ لقتل الأميرة أو غيرها من البشر — إذا أراد ذلك.

كانت نظرته هادئة، إنعكس ظل الثلوج البيضاء في عينيه القرمزيتين. رفع إصبعه، وفي اللحظة التالية، ظهرت آلة عودٍ ذهبية في يد كاليد اليسرى، عندما برقت أحرفٌ متنوعة متشابكةٌ حولها، ما جعل أوتارها تتحرك لوحدها—

في الواقع، أتى لمشاهدة الإعدام بغية رؤية الفوضى تبدأ. وحين ثار أليتاليس ضد الأميرة، أصبح سعيداً. ثم قرر مساعدته لكونه مثيراً للإهتمام، كان سيجني المزيد من الفوضى عبر قتله للأميرة، ناهيك عن إنزعاجه الطفيف من مطاردته المستمرة — من سحرة البلاط.

لم يعلق كاليد على المشهد، وكذا صمت الجميع. أشاح نظره، وقال برتابة وأسف:”أيّها الناس، كفَُوا وإخزوا.”

كان شريراً أراد المتعة.

“سوووش!!”

“همف.”

“لم يكن يجب أن يحصل هذا، لم يرتكب عمّي أي خطأ…لم…”

شخر أليتاليس، مشمئزاً بوضوح من تلقي المساعدة من شخصٍ كهذا، لكن في مثل هذا المنعطف — أنّى له الرفض؟ فلم يكن الآن سوى سهماً في منتهاه؛ منهكاً كشمعةٍ في مهب الريح. 

التعويذة — [نيازك الليل]!

في الواقع، كان هذا المشعوذ، هو من ساعده بتدمير القيود السحرية التي وضعتها الأميرة عائشة عليه حين الإعدام. كانت أداةً سحرية. لولا ذلك، لعانى قليلاً قبل تحطيمها بصعوبة، والذي كان سيكبده الكثير.

“إنفجار!!”

لكنه ساعده في “القيود” لا في إعادة نواته.

في اللحظة التالية، تجمّد أرسيلوف في الجو. توقفت تعويذاته أيضاً، وفي ثانية، إرتدت مساراتها وإتجهت نحوه بدلاً من ذلك.

جهُلَ أليتاليس بفاعل ذلك؛ أكان شخصاً أم شيئاً.

“ووش!”

من ناحيةٍ أخرى، كان تعبير الأميرة عائشة بارداً بلا خوف.

بعد ثوان، حين رأى موطئ قدمه التالي، رأى عيناً أرجوانية تحدق به. إرتفع الإحساس بالخطر في عقل الفارس أولتير، راناً فيه كإنذار حرائق. في تلك اللحظة، إقشعر وتيبس على الفور، كان قد فقد الإحساس بجسده!

رأى الفارس المدرّع خدشاً طفيفاً تلألأت دماءه المتجمدة على ساق الأميرة الناعمة. في الواقع، كانت الأميرة سليمة ولم يحدث هذا من الجليد أو السقوط، بل أحدثتها تعويذةٌ لها بالخطأ. لم يكن سوى خدش بسيط، لكن لفارسٍ فخور كان ندبةً عارٍ وعلامة فشل.

“اللعنة على هذا الهراء، أتقول إعدام؟؟ هذا…هذا إعدامٌ لنا!”

“أنا أعتذر، لقد أخفقت.”أخفض أولتير رأسه ولم يجرؤ على النظر إلى وجهها، راكعاً بساقٍ واحدة، كان صوته منخفضاً:”سيفنى اليوم، سأتأكد من إتمام مهمتي.”

“من…أنت…وأنا؟”أمسكت كلير بصدرها، أملاً منها في قمع قلبها الذي كاد أن ينفجر من مكانه، بتعبيرها المتألم، إنزلقت دمعةٌ من عينها اليسرى، ناظرةً إلى مصاص الدماء الآخر:”ماذا حدث لك؟”

“لا، هذا ليس خطأك.”تعمّق العبوس على وجه الأميرة، وقالت بنبرة خطيرة:”لقد خدعني. من كان ليعتقد إنه في الرتبة الرابعة؟ كان مشلولاً بلا شك، كانت نواته غير موجودة. لما قد تكبّد عناء كل هذا إذن؟ علينا المغادرة فوراً، قتله سيستنزفنا، ولديه رفقة.”

لكن…دائماً ماشعرت مصاصة الدماء الشابة بنقصان شيءٍ ما.

كان لديها الكثير من الأسئلة.

— لن يستمر تلوث روحك طويلاً، ستتذكرين كل شيءٍ عمّا قريب. همم، بمحفزٍ كافٍ؟ نعم، ربما.

لكن حتى لو كان أليتاليس في الرتبة الرابعة، فقد آمن الفارس أولتير بسيفه وقدرته على قتل أليتاليس. كان سيافاً بارعاً، كان سيد سيف! لكنه مع ذلك أطبق شفتيه، ولم يدلي برأيه. في النهاية، كان القرارا النهائي للأميرة، لا هو.

كانت نظرته هادئة، إنعكس ظل الثلوج البيضاء في عينيه القرمزيتين. رفع إصبعه، وفي اللحظة التالية، ظهرت آلة عودٍ ذهبية في يد كاليد اليسرى، عندما برقت أحرفٌ متنوعة متشابكةٌ حولها، ما جعل أوتارها تتحرك لوحدها—

قالت الأميرة:”العقيد قريب، لابد من شعوره بشيءٍ خاطئ الآن. علينا التجمـ—”

“أيها الوغد!”في تلك اللحظة، تجمّد تعبير كاليد، و ومضت صدمةٌ في عينيه القرمزتيين بلمعان الدم الملطخ في الهواء. تحرك على الفور، لكّنه أدرك بأنه قد كان أبطء قليلاً. فبدلاً من ذلك، حول أنظاره لمكانٍ آخر.

“سوووش!!”

“أيتها الأرض العظيمة، أطيعي ماناتي و….[صدمة الأرض]!”

بنفحة ريح، مزّق أولتير مجموعة من الكرمات المتجمدة الشديدة، وقال بصوتٍ رتيب:”هل أجنحة الرياح متوفرة بعد؟ أفضّل أن تتراجع الأميرة مؤقتاً حتى يصل العقيد كالسفير. آنذاك نستطيع قتلهما أو إعتقالهما — إن أردتِ.”

قالت الأميرة:”العقيد قريب، لابد من شعوره بشيءٍ خاطئ الآن. علينا التجمـ—”

مقارنةً بقتلهما، كان إعتقالهما أصعب — بأضعاف. لكّن أولتير لم يبال بالتكلفة، كان سيتبع أوامر الأميرة في كل الأحوال.

أحب كاليد الحسناوات. بالنسبة له، كانوا من جمال الحياة ومحاسنها. فكيف له تجاهل “الأميرة” في حالتها هذه؟

فكرت الأميرة لثوان، نظرت حولها بأعين عميقة، ثم فجأة، إشتد الرياح الباردة حولهم، حين إلتقطها الفارس أولتير بعيداً!

فن القديس السابع — [رياح السفك]!

“سووش، سووش…!”

لولاه لما حصل أيٌ من هذا الآن، لكان أغاريس ميتاً، ولما أقحم هنا، بطريقةٍ ما، كان هو سبب كُل سوء حظه؛ كان ظالمه.

التعويذة — [لعنة الإنحدار]!

“لا، هذا ليس خطأك.”تعمّق العبوس على وجه الأميرة، وقالت بنبرة خطيرة:”لقد خدعني. من كان ليعتقد إنه في الرتبة الرابعة؟ كان مشلولاً بلا شك، كانت نواته غير موجودة. لما قد تكبّد عناء كل هذا إذن؟ علينا المغادرة فوراً، قتله سيستنزفنا، ولديه رفقة.”

في تلك اللحظة، هبت ريحٌ مرئية كالسحاب المظلم، حملت معها هالةً مشؤومة. لم تكن سريعة لحد اللحاق بالفارس أولتير، لكنها لم تضعه أبداً. طاردته بين الصقائع والثلوج، بين الأشجار والأشخاص. ناهيك عن ذلك، كان أليتاليس يطارد خلفه أيضاً!

“ووش…ووش…”

في تلك اللحظة، شعر الفارس أولتير بمدى تعقيد مواجهة عدوين أثناء حماية أحدهم. من ناحية، إستهدفه أحدهم بالجليد معيقاً إياه، ومن ناحيةٍ أخرى كان الآخر بسحرٍ ذو طبيعةٍ غامضة، ما جعله أخطر إلى حدٍ ما!

فجاة، أحاطت تيارات الجليد ذات أشكل الثعابين والأزهار بكاليد من كل الجهات، مغلقةً دربه من الهرب.

“ووش!”

ظن الجميع أنه ينوي قتلها لكنه لم يكن بذلك الحمق، لقد نوى أخذها رهينة. فلم يرى سبيلاً للنجاة إلا بذلك!

“سووش!”

صرخ:”أيا رفيق؛ ما العنف إلا سبيل لمزيدٍ من الضلال. هل لّنا أن—”

إقتربت منه الكرمات والرياح؛ حين إندفعت تيارات الرياح من نصله ممزقةً كل ما أعاقها بهدوء!

إمتدت كرمة سميكة على طول يده كالثعابين، كانت زرقاء داكنة، برأسٍ فضي متفتح البتلات. برق وسطه بضوءٍ أبيض متوهج بظلام خافت. تجمّعت الرياح حوله بهدوء، منذرةً بخطر لايوصف!

“ووش.”

“ووش…ووش…”

“ووش!”

أحب كاليد الحسناوات. بالنسبة له، كانوا من جمال الحياة ومحاسنها. فكيف له تجاهل “الأميرة” في حالتها هذه؟

بعد ثوان، حين رأى موطئ قدمه التالي، رأى عيناً أرجوانية تحدق به. إرتفع الإحساس بالخطر في عقل الفارس أولتير، راناً فيه كإنذار حرائق. في تلك اللحظة، إقشعر وتيبس على الفور، كان قد فقد الإحساس بجسده!

“سووش!! سووش!!”

“رووورووور…”همس أرسيلوف بكلمةٍ غريبة بطرف لسانه، بينما أغمض عيناً واحدة، توقف عن الحركة، وأوصل صوته لأليتاليس:”أسرع، سأشغله لثلاث دقائق.”

“أنجدوني…”

فور أن أنهى كلامه، إندفعت السحابة المظلمة عبر الرياح بسرعة، وسقطت على جسد أولتير. بعد ثانية، أصدر الفارس هالةً مشؤومة، بادئاً بجذب ماحوله من جليدٍ ورمال حوله. كبؤرة جاذبية!

“ووش!!”

بسرعة، تحررت الأميرة من عناق حارسها الذي بدا وكأنه قد أصيب بتعويذة، إرتفعت الأجنحة الأثيرية من ظهرها، بعد ثانية، بدأت بالتذبذب. عابسةً ألغت المهارة، قبل أن تنظر حولها بهدوء. كان الجليد يملئ ناظرها؛ لكنه لم يمنع بصرها شيئاً.

لم تفهم كلير سبب ذلك. لكنها لم تكن بالحمقاء، علمت مباشرةً بإرتباطهما بعلاقة دم!

بعيداً، رأت أرسيلوف الجاثم بهالةٍ مماثلة لما يصدره أولتير. وقبلَه كان أليتاليس قادماً برياحه الباردة!

“ووش.”

‘قدرة قطعة أثرية؟’ناظرةً إلى فارسها الذي غطت الصخور والرمال والجليد البارد دروعه الفضية، عبست الأميرة بشك.

——

“سووش!”

“سوووش!!”

خلال ثوان، قطع أليتاليس المسافة بينهما و وصل إليها!

فكرت الأميرة لثوان، نظرت حولها بأعين عميقة، ثم فجأة، إشتد الرياح الباردة حولهم، حين إلتقطها الفارس أولتير بعيداً!

“سووش…سووش…سووش!”

[2]: من ديوان ابن زريق البغدادي.

“تشقق!!”

“ووش!”

مزقت أريشٌ ملونة عبر الجليد، نحو أليتاليس بحدة في مساراتٍ متعددة، وحين أوشكت أن تصل لوجهه البارد، تجمدت على الفور مصبحةً كُتلاً من الصخور الجليديةعلى الأرض.

ضيق كاليد عينيه، تنهد و أفقدها وعيها بضرب رقبتها، ثم رفعها من خصرها، و وضعها على كتفه بخفة.

حدق أليتاليس بها، كانت الرياح حوله كستار من صقيع، لكّن الأميرة قد رأت يده المرفوعة.

“سووش!! سووش!!”

“ووش.”

إقتربت منه الكرمات والرياح؛ حين إندفعت تيارات الرياح من نصله ممزقةً كل ما أعاقها بهدوء!

إمتدت كرمة سميكة على طول يده كالثعابين، كانت زرقاء داكنة، برأسٍ فضي متفتح البتلات. برق وسطه بضوءٍ أبيض متوهج بظلام خافت. تجمّعت الرياح حوله بهدوء، منذرةً بخطر لايوصف!

“سووش!!” 

“شا!!”

“يلفنا الغموض، ولا نعلم حتى أين نحن. فبدلاً من العيش والنجاة للعودة، أنقتتل وننهب خيرات أنفسنا؟”هز كاليد رأسه، قال بهدوء مجدداً:”أيّها الناس، كفَُوا وإخزوا.”

“ووش…ووش…”

مقارنةً بقتلهما، كان إعتقالهما أصعب — بأضعاف. لكّن أولتير لم يبال بالتكلفة، كان سيتبع أوامر الأميرة في كل الأحوال.

في تلك اللحظة، شعرت الأميرة بالقشعريرة تمتد على عمودها الفقري، رفعت يدها على الفور، حيث لمع سوارها البلوري بضوءٍ مخضّر. فجأة، وقبل أن تفعِّل كنزها، أُمسِكَت من ظلٍ خاطف على حين غرة، عندما إنفجرت تيارات الجليد مصطدمةً بموقعها!

عبس أليتاليس بإحكام، شاعراً بالمانا خاصته تُستنزف على معدلٍ متسارع، ولعن منقذ الأميرة في نفسه. كان قد أهدر المزيد من المانا بسببه!

“إنفجار!!”

“سووش!!!”

“تشقق!! تشقق!!”

زاد إنتشار الصدّى بكثافةٍ أوسع، راداً الصقيع بثلجه مخلياً ماحول كاليد، وقاشعاً الغطاء عمّا يبعُد عنه.

في تلك البقعة، إنتشر الجليد كالنار في الهشيم، من الأرض، بدأت الكرمات ذات الأحجام البشرية بالبزوغ، مندمجةً معاً في أشجارٍ جليدية سميكة. مخفضةً من درجة حرارة المنطقة لأدنى من الصفر. 

الفصل 41 — مآسي.

التعويذة — [سلانغيتونك]!

“تشقق!!”

عبس أليتاليس بإحكام، شاعراً بالمانا خاصته تُستنزف على معدلٍ متسارع، ولعن منقذ الأميرة في نفسه. كان قد أهدر المزيد من المانا بسببه!

“تلقّى هذه — [كرة النار]!”

 بعد ثانية، إنعكس ظلٌ في عينيه. كان شاباً حسن الملبس، حُمر العينين، أخضر الشعر. بقناعٍ أسود نصفي غريب. أمسك بالحسناء في حضنه كما يجب؛ كأميرة بلباقة وأدب.

لولاه لما حصل أيٌ من هذا الآن، لكان أغاريس ميتاً، ولما أقحم هنا، بطريقةٍ ما، كان هو سبب كُل سوء حظه؛ كان ظالمه.

“إنه أنت!!”زمجر أليتاليس ببغضٍ وقسوة، وإسود وجهه، متذكراً إياه فوراً. كان الشاب الذي منعه من قتل أغاريس منذ فترة!

ظهر في مشاعد متنوعة في مرآ الشاب مخضرّ الشعر، من أناسٍ متجمدين حتى الموت، وآخرين في تماثيل جليدية. إنتشرت العديد من النباتات المختلطة بالأشجار المتجمدة. كانت العديد من التعويذات متوقفةً في الهواء كما هي؛ كرات النار والصخور المسننة؛ سيوف الضوء ونصال الماء؛ تلاشت جميعها فُجأءةً مع رياحٍ ذهبية!

لولاه لما حصل أيٌ من هذا الآن، لكان أغاريس ميتاً، ولما أقحم هنا، بطريقةٍ ما، كان هو سبب كُل سوء حظه؛ كان ظالمه.

بين أليتاليس والأميرة، لم يتحرّك أيٌّ منهما. لم يعلما في أي رتبةٍ كان هذا الشاب المجهول؛ لكنهما علما برغبته: لم يرد المزيد من القتال!

شعر أليتاليس بالغضب يستعر في صدره كفحمٍ موقد، رغم ذلك، تمكّن من تمالك جام غضبه، مركزاً على هدفٍ واحد — الأميرة عائشة محور هذا الساحة!

[2]: من ديوان ابن زريق البغدادي.

ظن الجميع أنه ينوي قتلها لكنه لم يكن بذلك الحمق، لقد نوى أخذها رهينة. فلم يرى سبيلاً للنجاة إلا بذلك!

“ووش!”

إذا قتلها فسيصبح عدواً لفصيلٍ بأكمله؛ والذي يحتوي على ثلاثةٍ في الرتبة الثالثة! ناهيك عند عدد الصعاليك الصغار في الرتبة الثانية. والذي لم يكن في صالحه الآن. لم يكن ليبالي بهم؛ إذا كان في ذروته، بالأحرى كان ليراهم كحشرات مزعجة. ربما سيدفع تكلفة باهظة لقتل الثلاثة في الرتبة الثالثة إذا قاتلوه معاً، لكنه كان سينتصر في النهاية.

“الجو بارد…”

لكن في حالته هذه — مستنزفاً ومصاباً، لم يملك سوى ربع قوته الكاملة. بأخذ الأميرة كرهينة، كان ليستطيع إستعادة حقيبته البعدية، وأخذ مقدارٍ من البلورات السحرية بالمقابل، وإخلاء سبيله أيضاً.

كانت حقيبته البعدية مهمة!

لكن مع مرور الأيام، تذكرت حقيقةً قالها ذات مرة:

لم يكن عداءه مع الأميرة دموياً بعد. بالأحرى كان المجال للتعاون مفتوحاً؛ كان مستعداً للتراجع خطوةً للخلف مؤقتاً، ولا الأميرة أرادت معادة شخصٍ في الرابعة الرابعة — في هذا البعد السري على الأقل. بالإضافة لذلك، لم يعلم أليتاليس لكم كانت نواته لتستمر معه بعد عودتها فجأة.

“ووش.”

“همف!”شخر أليتاليس، إختلطت عواطف الإثارة والغضب والألم والفرح في صدره. لكنه قمعها، مبقياً تركيزه فحسب. صارخاً بزيف:” مجدداً؟ لما تعيق طريقي بإستمرار!!”

تنهد قليلاً:”موته هنا ليس بذلك السوء أيضاً.”

دون التراجع، تقدّم إلى الأمام، تشكّل الجليد أمامه على هيئة كرماتٍ سميكة مسننة لاتعد ولاتحصى؛ وإندفعت في كُل الإتجاهات؛ نحو كاليد الذي تغيّر تعبيره.

بعد أن إنفجرت بوابة البعد السري بفعل فاعل، وبينما كانت مركزةً على الهرب إثر أمرٍ تلقته — من سيدها. لمستها إحدى تيارات الأشفاق الثائرة، ناقلةً إياها إلى حقلٍ مختلف!

التعويذة — [بحر سالنغا]!

صرخ:”أيا رفيق؛ ما العنف إلا سبيل لمزيدٍ من الضلال. هل لّنا أن—”

“سووش!! سووش!!”

بين أليتاليس والأميرة، لم يتحرّك أيٌّ منهما. لم يعلما في أي رتبةٍ كان هذا الشاب المجهول؛ لكنهما علما برغبته: لم يرد المزيد من القتال!

“ويحك. آه، لا. رويدك!”رفع كاليد الذي ظهر فجأةً كلتا يديه ببادرة سلام، مرتعباً من مد الكرمات الذي غطاه ظله. لم يفهم فجأةً لم قرر قتله هو بدلاً من الأميرة. وبالنظر إلى عيني مصاص الدماء الملطختين بالدماء، شعر وكأنه قاتل عائلته. أيّ حقدٍ كان هذا؟

[2]: من ديوان ابن زريق البغدادي.

صرخ:”أيا رفيق؛ ما العنف إلا سبيل لمزيدٍ من الضلال. هل لّنا أن—”

“رووورووور…”همس أرسيلوف بكلمةٍ غريبة بطرف لسانه، بينما أغمض عيناً واحدة، توقف عن الحركة، وأوصل صوته لأليتاليس:”أسرع، سأشغله لثلاث دقائق.”

تجاهله أليتاليس غير مبال بالكلمات، مهاجماً إياه. إندفعت الكرمات العملاقة نحو كاليد كمدٍ بحري، مجمدةً ماحولها. كادت قطع الجليد المسننة أن تنال منه لولا سرعتة بديهته وتحركاته السريعة كالريح. أطلق كاليد نفساً متنهداً؛ ثم تحرك!

تردد أليتاليس، لكن سرعان ماهدأ. أجعلته أيامٌ من الخمول يتردد؟ سخر من نفسه.

“سوو!!”

“كُليّ آسىً له، لا أعلم عنه شيئاً، لكنه إمتلك إرادةً صلبة.”نظر كاليد إلى عيني أليتاليس الميت. إنتشر السائل الأحمر في كل مكان، لكنه لم يخفف من بروق تلكما العينين اللتان لم تحتويا على شيءٍ سوى السكون، كان مطمئناً. قال للفتاة المغشي عليها:”لا تَعذُلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ، قَد قُلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ[2].”

“سووش!!” 

من ناحيةٍ أخرى، كان تعبير الأميرة عائشة بارداً بلا خوف.

صدم أليتاليس من مدى سرعة كاليد وتفاديه للجليد؛ كان كهمسات الرياح، متنقلاً بمرونة بين مدود الصقيع المنتشرة وأشجارها. مستغلاً الثغرات البسيطة، إنزلق من أسفلها وجوانبها. ولم تقل سرعته شيئاً رغم حمله للأميرة.

في تلك اللحظة، مرّ الوقت ببطء، أحاطت الرياح الزوبعية بسيف الفارس أولتير الفضي. ممزقةً نحو كتف أليتاليس. حاول كلاً من كاليد وكلير التحرك بغية إيقافه، لكن لم يبدو وكأنهما رأيا مالمحه أولتير بوضوح.

على غرار أولتير الذي مزّق كل ما أعاقه بسيفه وإندفاعه حين ركضه، كان كاليد كالريح.

“سوو!!”

لقد شعر أليتاليس لوهلة وكأنه عديم فائدة، بدأً من أغاريس وصولاً إلى أولتير وحتى هذا الشخص — المجهول. ألم يستهينوا بالرتبة الرابعة كثيراً؟

“ووش..”

إلى حدٍ ما، كان هو نفسه المتسبب في ذلك. فلم يستخدم تعاويذ الرتبة الرابعة سوى ضد أغاريس — المسخ المجنون! والذي قرر تصنيفه كـ”شذوذ”. كيف لرتبةٍ ثالثة مبكرة مثله أن يهزمه هكذا؟ كان هذا الشخص إمّا دجالاً أو جهبيذاً مجنوناً.

كان شريراً أراد المتعة.

لكن الآن، لم تكن المانا خاصته لتتحمل ذلك، سوى مرةً أو مرة ونصف كحد. كان مخزونه منذ عادت إليه نواته فجأة حين أوشك أن يعدم، نحو 25٪ من مخزونه الكامل. ولم يعد سوى 12٪ الآن.

دون التراجع، تقدّم إلى الأمام، تشكّل الجليد أمامه على هيئة كرماتٍ سميكة مسننة لاتعد ولاتحصى؛ وإندفعت في كُل الإتجاهات؛ نحو كاليد الذي تغيّر تعبيره.

ورغم هذا، فقد ضخّمت مانا الرتبة الرابعة خاصته، تعاويذه في الرتبة الثالثة. ما جعله خصماً صعباً حتى بدون ذروته!

منذ ذلك الحين، وهي تهوم هنا وهناك، بحثاً عنه. كانت فاقدةً للذاكرة، ولم تعرف سوى شخصٍ واحد في هذا العالم. لذلك ماكان لها إلا العودة إليه — رغم تهديده. لم تتواصل مع أحد؛ وأخفت نفسها جيداً كما قال سيدها لها أن تفعل؛ فلم يكن مصاصوا الدماء محبوبين على ما يبدو.

تردد أليتاليس، لكن سرعان ماهدأ. أجعلته أيامٌ من الخمول يتردد؟ سخر من نفسه.

متأملاً في هذا المشهد، فتح كاليد شفتيه، لكن تنهد في النهاية.

من ناحيةٍ أخرى، شعر كاليد الذي أقحم نفسه في المعركة لإنقاذ الأميرة، وكأنه يمسك بهرّة مدللة. كانت هذه الحسناء الذكية، تناضل في عناقه للتحرر قائلة بصوتٍ كالصقيع في برودته:”لا تلمسني.”

“غونغ…غينغ…!”

لإحقاق الحق، لم تشعر الأميرة عائشة بالخطر أو الفزع من أليتاليس. بل كانت مرتاحةً وهادئة، كانت لها اليد العليا — إلى حدٍ ما بوجود الفارس أولتير والعقيد كالسيفر القادم. ناهيك عن كونها أميرة لمملكة فولنهايم! بهذه الهوية، كم كنزاً للحماية قد وضع عليها؟ كم قطعةً أثرية قد إمتلكت؟

التعويذة — [لعنة الإنحدار]!

بدلاً من إنقاذ نفسها من خطر أليتاليس، كانت تفكر في أفضل الطرق الممكنة للإستفادة من الوضع.

إذا قتلها فسيصبح عدواً لفصيلٍ بأكمله؛ والذي يحتوي على ثلاثةٍ في الرتبة الثالثة! ناهيك عند عدد الصعاليك الصغار في الرتبة الثانية. والذي لم يكن في صالحه الآن. لم يكن ليبالي بهم؛ إذا كان في ذروته، بالأحرى كان ليراهم كحشرات مزعجة. ربما سيدفع تكلفة باهظة لقتل الثلاثة في الرتبة الثالثة إذا قاتلوه معاً، لكنه كان سينتصر في النهاية.

“أيا حسناء، هلّا سايرتي منقذكِ قليلاً؟”إبتسم كاليد بمرارة، متفادياً تيارات الثعابين  كسمكةٍ في الماء، كان مرناً ورشيقاً للغاية. قال بعد ثوان:”ماقولكِ في الثبوت بضع لحظاتٍ أخرى؟”

فن القديس السابع — [رياح السفك]!

“أتركني.”كان صوت الأميرة مقتضباً، بتعبيرها البارد والغاضب إلى حدٍ ما، قمعت نبرتها:”لا أحتاج إلى المساعدة، أستطيع إنقاذ نفسي.”

“من…أنت…وأنا؟”أمسكت كلير بصدرها، أملاً منها في قمع قلبها الذي كاد أن ينفجر من مكانه، بتعبيرها المتألم، إنزلقت دمعةٌ من عينها اليسرى، ناظرةً إلى مصاص الدماء الآخر:”ماذا حدث لك؟”

“أخطئتِ.”كان صوت كاليد رتيباً وهادئاً، قال:”ألم تصلكِ قصص البطل منقذ الحسناء؟ رأيت في لحاظك الإستنجاد وطلب العون.”

“سووش!!”

أحب كاليد الحسناوات. بالنسبة له، كانوا من جمال الحياة ومحاسنها. فكيف له تجاهل “الأميرة” في حالتها هذه؟

لم يعلق كاليد على المشهد، وكذا صمت الجميع. أشاح نظره، وقال برتابة وأسف:”أيّها الناس، كفَُوا وإخزوا.”

“…”شعرت الأميرة عائشة بوقاحة كلماته هذه، ولم تستطع الرد على لوهلة.

لم يقل شيئاً، نقر على عوده بضع نقرات، بصدىً آسٍ هادئ.

لم يكن إستخدامها لسحرها للتحرر منه خياراً حكيماً؛ فأقل خطأٍ عنى الإنقحام مع الجليد، ماسيعني الإصابة بدوره. لم يكن هذا شيئاً تريده الأميرة. يالها من مزحة، أكان بحر الجليد حولهما موجوداً عبثاً؟ أقل خطأٍ عنى التجمّد.

بدأت وقفتها تختل، إبيض شعرها قليلاً، وكذا إزداد شحوب بشرتها أيضاً. كانت هالة الرتبة الثالثة الصادرة منها تفقد السيطرة.

“سووش، سووش!!”

“رش!!”

“تشقق…”

“أيا حسناء، هلّا سايرتي منقذكِ قليلاً؟”إبتسم كاليد بمرارة، متفادياً تيارات الثعابين  كسمكةٍ في الماء، كان مرناً ورشيقاً للغاية. قال بعد ثوان:”ماقولكِ في الثبوت بضع لحظاتٍ أخرى؟”

فجاة، أحاطت تيارات الجليد ذات أشكل الثعابين والأزهار بكاليد من كل الجهات، مغلقةً دربه من الهرب.

كانت نظرته هادئة، إنعكس ظل الثلوج البيضاء في عينيه القرمزيتين. رفع إصبعه، وفي اللحظة التالية، ظهرت آلة عودٍ ذهبية في يد كاليد اليسرى، عندما برقت أحرفٌ متنوعة متشابكةٌ حولها، ما جعل أوتارها تتحرك لوحدها—

‘أإستخدم تعويذةً أخرى؟’ لم يخفف كاليد من سرعته، وإختفى في طيات الجليد والرياح؛ كجزءٍ منها. حتى الأميرة كانت مصدومة من سرعته الخاطفة، ومازادها صدمةً هو عدم شعورها بالإنزعاج من تحركه على الإطلاق.

“سووش، سووش…!”

أراد كاليد تهدئة أليتاليس بلسانه الفصيح، حين تضخمت فجأةً الأصوات المتشابكة في أذنيه فجأة، بمختلف النبرات والألحان:

“إنفجار!!”

“الجو بارد…”

ثم في زوبعة عملاقة، إنتشر صدى صوتٍ أثيري في كامل الساحة!!

“لقد قيل لي أنه يوجد طعامٌ مجاني…”

لم يكن عداءه مع الأميرة دموياً بعد. بالأحرى كان المجال للتعاون مفتوحاً؛ كان مستعداً للتراجع خطوةً للخلف مؤقتاً، ولا الأميرة أرادت معادة شخصٍ في الرابعة الرابعة — في هذا البعد السري على الأقل. بالإضافة لذلك، لم يعلم أليتاليس لكم كانت نواته لتستمر معه بعد عودتها فجأة.

“أنجدوني…”

“إنه أنت!!”زمجر أليتاليس ببغضٍ وقسوة، وإسود وجهه، متذكراً إياه فوراً. كان الشاب الذي منعه من قتل أغاريس منذ فترة!

“لما يحدث هذا…؟”

فور أن أنهى كلامه، إندفعت السحابة المظلمة عبر الرياح بسرعة، وسقطت على جسد أولتير. بعد ثانية، أصدر الفارس هالةً مشؤومة، بادئاً بجذب ماحوله من جليدٍ ورمال حوله. كبؤرة جاذبية!

“لم يكن من المفترض أن يحصل هذا…”

تجاهله أليتاليس غير مبال بالكلمات، مهاجماً إياه. إندفعت الكرمات العملاقة نحو كاليد كمدٍ بحري، مجمدةً ماحولها. كادت قطع الجليد المسننة أن تنال منه لولا سرعتة بديهته وتحركاته السريعة كالريح. أطلق كاليد نفساً متنهداً؛ ثم تحرك!

“إبتعد أيها المتحرش الحقير!”

“عمي، لما قد…تركتنا؟ هل كنا في النهاية…عبئاً؟”كان تعبير كلير لايزال يتغير، بينما تساقطت قطرات الدموع من عينيها كنهر, إختنق صوتها كقطة صغيرة:”لا، هذا خطأ. الأمر ليس كذلك…أنا لا أقصد هذا…”

“سموكِ النجدة!”

“الجو بارد…”

“يدي…؟ مابها يدي؟؟”

لكن حتى لو كان أليتاليس في الرتبة الرابعة، فقد آمن الفارس أولتير بسيفه وقدرته على قتل أليتاليس. كان سيافاً بارعاً، كان سيد سيف! لكنه مع ذلك أطبق شفتيه، ولم يدلي برأيه. في النهاية، كان القرارا النهائي للأميرة، لا هو.

“تلقّى هذه — [كرة النار]!”

“شا!!”

“أزيز…إحتراق!”

قالت الأميرة:”العقيد قريب، لابد من شعوره بشيءٍ خاطئ الآن. علينا التجمـ—”

“آغهه!!”

إذا قتلها فسيصبح عدواً لفصيلٍ بأكمله؛ والذي يحتوي على ثلاثةٍ في الرتبة الثالثة! ناهيك عند عدد الصعاليك الصغار في الرتبة الثانية. والذي لم يكن في صالحه الآن. لم يكن ليبالي بهم؛ إذا كان في ذروته، بالأحرى كان ليراهم كحشرات مزعجة. ربما سيدفع تكلفة باهظة لقتل الثلاثة في الرتبة الثالثة إذا قاتلوه معاً، لكنه كان سينتصر في النهاية.

“أيتها الأرض العظيمة، أطيعي ماناتي و….[صدمة الأرض]!”

[1]: من ديوان المتنبي.

“اهرب…انت على الاقل…”

“أنجدوني…”

“اللعنة على هذا الهراء، أتقول إعدام؟؟ هذا…هذا إعدامٌ لنا!”

“رووورووور…”همس أرسيلوف بكلمةٍ غريبة بطرف لسانه، بينما أغمض عيناً واحدة، توقف عن الحركة، وأوصل صوته لأليتاليس:”أسرع، سأشغله لثلاث دقائق.”

خلال ثوانٍ، رأى وسمع كاليد قصصاً مختلفة. مُشكّلةً صورةً واضحة في ذهنه.

“اهرب…انت على الاقل…”

في ثنايا الصقيع والثلوج، وخلف بقايا الأشجار المتجمدة والرياح ترسّمت فوضىً من الدم والقتل، من النهب والعنف. بلا كوابحٍ أظهر البشر رغباتهم حيثما ظنوا أن لا عين تراقبهم، بغطاء الستر أظهروا حقيقتهم.

في ثانية، لعب كاليد على عوده الصغير مصدراً لحناً رتيباً متعدد الأصوات. كان جميلاً متقلباً. إنتشر سريعاً بهدوء.

حاول البعض تهدئة الغير، وتبلطج آخرون نهب الضعفاء!

بين أليتاليس والأميرة، لم يتحرّك أيٌّ منهما. لم يعلما في أي رتبةٍ كان هذا الشاب المجهول؛ لكنهما علما برغبته: لم يرد المزيد من القتال!

في البداية، دبرت الأميرة عائشة لمكيدة لإعدام أليتايس بغية تهدئة هؤلاء الرعية من خطر “مستنزف الدم”. لكن لم يحدث ذلك، وإنتشرت الفوضى. زاد البؤس أضعافاً عمّا كان عليه، منافياً لمغزاها الأساسي — تماماً.

التعويذة — [لعنة الإنحدار]!

“ووش!!”

عاد الوقت للتحرك كالبرق، قبل أن يصل أي أحد، مزقت الزوبعة بشراسةٍ كتف أليتاليس وصولاً لقلبه. راشةً حولها رذاذ دمٍ تلألأ بالثلج. ممزقةً بلا رحمة وبشاعة، كامل النصف الأيسر من جسد أليتاليس.

 في تلك اللحظة، توقف كاليد عن الحركة. إنفجرت الرياح حوله ناشرةً زخمه في كُل مكان. وضع الأميرة بقربه بلطف، والتي مالبثت ساكنةً أن نظرت إليه بشكٍ وجدية. حين ظهر أليتاليس أمامهما بتياراته الجليدية!

“شا!!”

“سووش!! سووش!!”

“لما يحدث هذا…؟”

كانت نظرته هادئة، إنعكس ظل الثلوج البيضاء في عينيه القرمزيتين. رفع إصبعه، وفي اللحظة التالية، ظهرت آلة عودٍ ذهبية في يد كاليد اليسرى، عندما برقت أحرفٌ متنوعة متشابكةٌ حولها، ما جعل أوتارها تتحرك لوحدها—

للوهلة الأولى، كان أرسيلوف وكأنه يملك حقداً على الإمبراطورية. ولكن لمشعوذِ مثله، لم يكن من المهم إحتياج سببٍ لقتل الأميرة أو غيرها من البشر — إذا أراد ذلك.

“غينغ!!!!”

“سووش!!”

ثم في زوبعة عملاقة، إنتشر صدى صوتٍ أثيري في كامل الساحة!!

وبالفعل، بدأت بالتذكر. كما قال سيدها؛ لن يمر سوى بضع أيام قبل أن تختفي آثار التلوث على روحها. فور أن غادرت تلك المنطقة الشريرة، بات عقلها يصفى تدريجياً، وأصبحت صور الذكريات المبهمة في ذهنها أوضح عمّا كانت.

كانت أصداء اللحن الرقيق كافيةً لتجميد كُل شيءٍ في نطاقها، توقفّ الصقيع، توقف أليتاليس. غير متوقفٍ عند ذلك الحد، نقر كاليد على أوتار عوده عازفاً، وأنشد بيتاً:

“ووش.”

“ظُلمٌ لِذا اليَومِ وَصفٌ قَبلَ رُؤيَتِهِ 

بعد أن إنفجرت بوابة البعد السري بفعل فاعل، وبينما كانت مركزةً على الهرب إثر أمرٍ تلقته — من سيدها. لمستها إحدى تيارات الأشفاق الثائرة، ناقلةً إياها إلى حقلٍ مختلف!

 لا يَصدُقُ الوَصفُ حَتّى يَصدُقُ النَظَرُ[1].”

في تلك اللحظة، مرّ الوقت ببطء، أحاطت الرياح الزوبعية بسيف الفارس أولتير الفضي. ممزقةً نحو كتف أليتاليس. حاول كلاً من كاليد وكلير التحرك بغية إيقافه، لكن لم يبدو وكأنهما رأيا مالمحه أولتير بوضوح.

“غينغ!!”

التعويذة — [لحن الإرتداد]!

زاد إنتشار الصدّى بكثافةٍ أوسع، راداً الصقيع بثلجه مخلياً ماحول كاليد، وقاشعاً الغطاء عمّا يبعُد عنه.

بدأت وقفتها تختل، إبيض شعرها قليلاً، وكذا إزداد شحوب بشرتها أيضاً. كانت هالة الرتبة الثالثة الصادرة منها تفقد السيطرة.

ظهر في مشاعد متنوعة في مرآ الشاب مخضرّ الشعر، من أناسٍ متجمدين حتى الموت، وآخرين في تماثيل جليدية. إنتشرت العديد من النباتات المختلطة بالأشجار المتجمدة. كانت العديد من التعويذات متوقفةً في الهواء كما هي؛ كرات النار والصخور المسننة؛ سيوف الضوء ونصال الماء؛ تلاشت جميعها فُجأءةً مع رياحٍ ذهبية!

جهُلَ أليتاليس بفاعل ذلك؛ أكان شخصاً أم شيئاً.

التعويذة — [قصيدة الفجر]!

أراد كاليد تهدئة أليتاليس بلسانه الفصيح، حين تضخمت فجأةً الأصوات المتشابكة في أذنيه فجأة، بمختلف النبرات والألحان:

مع إختفاء الرياح و وضوح الأبصار، حدّق من إستطاع في كاليد، كونه محور البداية، علموا جميعاً بغريزية كونه الأقوى في الساحة!

“سووش، سووش…!”

كان تعبير كاليد لايزال هادئاً، وحين أوشك أن يفتح فمه، ظهر أرسيلوف في الجو قافزاً عبر إحدى الأفرع الجليدية. متجهاً إليه بسحره!

من زاوية ظهره، ومن وجهه المائل، برقت عين أليتاليس اليسرى، حين رأى الفارس أولتير ما أوشك أن يوقفه بذهول؛ مالم يكن من المفترض أن يظهر له.

ضحك أرسيلوف بنبرةٍ شريرة:”هيه، ماكان عليك التدخل!”

بنفحة ريح، مزّق أولتير مجموعة من الكرمات المتجمدة الشديدة، وقال بصوتٍ رتيب:”هل أجنحة الرياح متوفرة بعد؟ أفضّل أن تتراجع الأميرة مؤقتاً حتى يصل العقيد كالسفير. آنذاك نستطيع قتلهما أو إعتقالهما — إن أردتِ.”

التعويذة — [لعنة الإنحدار]!

“الجو بارد…”

التعويذة — [نيازك الليل]!

شعر أليتاليس بالغضب يستعر في صدره كفحمٍ موقد، رغم ذلك، تمكّن من تمالك جام غضبه، مركزاً على هدفٍ واحد — الأميرة عائشة محور هذا الساحة!

إنطلقت ثلاث غيومٍ مظلمة نحو كاليد، موزعةً حوله؛ ومختبئةً خلفها برقت صخورٌ مسننة الرأس مظلمة الهالة!

كان تعبير كاليد لايزال هادئاً، وحين أوشك أن يفتح فمه، ظهر أرسيلوف في الجو قافزاً عبر إحدى الأفرع الجليدية. متجهاً إليه بسحره!

“غونغ…غينغ…!”

“همف.”

في ثانية، لعب كاليد على عوده الصغير مصدراً لحناً رتيباً متعدد الأصوات. كان جميلاً متقلباً. إنتشر سريعاً بهدوء.

“أنجدوني…”

في اللحظة التالية، تجمّد أرسيلوف في الجو. توقفت تعويذاته أيضاً، وفي ثانية، إرتدت مساراتها وإتجهت نحوه بدلاً من ذلك.

“سووش!! سووش!!”

“آغهه!!”تأوه بصوتٍ عال، شاعراً بتعاويذه تخترقه. طنّ جسده بألم، حين إنجذب للأرض كنيزكٍ ساقط، وبـ”إنفجار!!” خرّ على الأرض. بدأت الرمال تغطيه بالتدريج، حتى بات لايرى منه شيء. أصبح صخرةً عملاقة  في الأرض؛ ككهف.

كان تعبير كاليد لايزال هادئاً، وحين أوشك أن يفتح فمه، ظهر أرسيلوف في الجو قافزاً عبر إحدى الأفرع الجليدية. متجهاً إليه بسحره!

التعويذة — [لحن الإرتداد]!

خلال ثوانٍ، رأى وسمع كاليد قصصاً مختلفة. مُشكّلةً صورةً واضحة في ذهنه.

لم يعلق كاليد على المشهد، وكذا صمت الجميع. أشاح نظره، وقال برتابة وأسف:”أيّها الناس، كفَُوا وإخزوا.”

ثم في زوبعة عملاقة، إنتشر صدى صوتٍ أثيري في كامل الساحة!!

“أمِن العقل حين العيش بالفقر، الإنشغال بعذاب الغير؟ ألا يجب أن ينظر كُّل إمرءٍ فيكم إلى ماعليه أن يقدّم لنفسه الآن، بدلاً من هذا النهب والقتل؟”

“رش!!”

“فماذا بعد ذلك؟ الرضى بما نُهب؟ أو التمتع بما حصل؟”

تغيرت التجاعيد على محيا أليتاليس قليلاً، وكأنه محيّر. لم يجب. بعد ثوان، إنحرفت زوايا فمه اليابس، في إبتسامة نادرة. قال:”…أنتِ لاتعلمين؟”

“يلفنا الغموض، ولا نعلم حتى أين نحن. فبدلاً من العيش والنجاة للعودة، أنقتتل وننهب خيرات أنفسنا؟”هز كاليد رأسه، قال بهدوء مجدداً:”أيّها الناس، كفَُوا وإخزوا.”

“ووش.”

“هذه الأرض فسيحة، لعلّ في خيراتها مالا نعلمه. إهدفوا إليها؛ فهذا الرضى وهذا الفرض. أعطوا لأنفسكم قيمةً ترضوها؛ وتعاونوا على الخير.”

“ووش.”

توقف عن الكلام، ثم لوح بيده، وقال:”إنصرفوا الآن.”

“أمِن العقل حين العيش بالفقر، الإنشغال بعذاب الغير؟ ألا يجب أن ينظر كُّل إمرءٍ فيكم إلى ماعليه أن يقدّم لنفسه الآن، بدلاً من هذا النهب والقتل؟”

في تلك اللحظة، لم يتحدث أحد. بكى الكثيرون، وبكل إمتنان، غادروا بعيداً. بقي البعض ينظرون لكاليد بتأمل، بينما لم يجرؤ أي أحدٍ على القتال بعد رؤية مصير أرسيلوف.

التعويذة — [لحن الإرتداد]!

بين أليتاليس والأميرة، لم يتحرّك أيٌّ منهما. لم يعلما في أي رتبةٍ كان هذا الشاب المجهول؛ لكنهما علما برغبته: لم يرد المزيد من القتال!

فور أن أنهى كلامه، إندفعت السحابة المظلمة عبر الرياح بسرعة، وسقطت على جسد أولتير. بعد ثانية، أصدر الفارس هالةً مشؤومة، بادئاً بجذب ماحوله من جليدٍ ورمال حوله. كبؤرة جاذبية!

خطط أليتاليس لإستعادة أملاكه، وفجأة، إشتدت النغزة التي كانت تطن في ظهره منذ فترة، وفي تلك اللحظة، تيبّس. إتسع بؤبؤاه، وإرتفع كلا حاجبيه.

خلال ثوان، قطع أليتاليس المسافة بينهما و وصل إليها!

غير بعيد، وجدت فتاةً شابة، سوداء الشعر، حُمرة العينين، شاحبة البشرة، بملابس سحرة ساترة وملثمة، أصغر من حجمها قليلاً، ولم تكن مناسبةً لها على الإطلاق.

بدلاً من إنقاذ نفسها من خطر أليتاليس، كانت تفكر في أفضل الطرق الممكنة للإستفادة من الوضع.

لم تكن سوى كلير.

“ظُلمٌ لِذا اليَومِ وَصفٌ قَبلَ رُؤيَتِهِ 

بعد أن إنفجرت بوابة البعد السري بفعل فاعل، وبينما كانت مركزةً على الهرب إثر أمرٍ تلقته — من سيدها. لمستها إحدى تيارات الأشفاق الثائرة، ناقلةً إياها إلى حقلٍ مختلف!

“شا!!”

منذ ذلك الحين، وهي تهوم هنا وهناك، بحثاً عنه. كانت فاقدةً للذاكرة، ولم تعرف سوى شخصٍ واحد في هذا العالم. لذلك ماكان لها إلا العودة إليه — رغم تهديده. لم تتواصل مع أحد؛ وأخفت نفسها جيداً كما قال سيدها لها أن تفعل؛ فلم يكن مصاصوا الدماء محبوبين على ما يبدو.

“رش!!”

لكن مع مرور الأيام، تذكرت حقيقةً قالها ذات مرة:

“سووش، سووش…!”

— لن يستمر تلوث روحك طويلاً، ستتذكرين كل شيءٍ عمّا قريب. همم، بمحفزٍ كافٍ؟ نعم، ربما.

إذا قتلها فسيصبح عدواً لفصيلٍ بأكمله؛ والذي يحتوي على ثلاثةٍ في الرتبة الثالثة! ناهيك عند عدد الصعاليك الصغار في الرتبة الثانية. والذي لم يكن في صالحه الآن. لم يكن ليبالي بهم؛ إذا كان في ذروته، بالأحرى كان ليراهم كحشرات مزعجة. ربما سيدفع تكلفة باهظة لقتل الثلاثة في الرتبة الثالثة إذا قاتلوه معاً، لكنه كان سينتصر في النهاية.

وبالفعل، بدأت بالتذكر. كما قال سيدها؛ لن يمر سوى بضع أيام قبل أن تختفي آثار التلوث على روحها. فور أن غادرت تلك المنطقة الشريرة، بات عقلها يصفى تدريجياً، وأصبحت صور الذكريات المبهمة في ذهنها أوضح عمّا كانت.

في ثنايا الصقيع والثلوج، وخلف بقايا الأشجار المتجمدة والرياح ترسّمت فوضىً من الدم والقتل، من النهب والعنف. بلا كوابحٍ أظهر البشر رغباتهم حيثما ظنوا أن لا عين تراقبهم، بغطاء الستر أظهروا حقيقتهم.

الكل في الكل، كانت الأمور تسري جيداً.

ثم في زوبعة عملاقة، إنتشر صدى صوتٍ أثيري في كامل الساحة!!

لكن…دائماً ماشعرت مصاصة الدماء الشابة بنقصان شيءٍ ما.

في ثنايا الصقيع والثلوج، وخلف بقايا الأشجار المتجمدة والرياح ترسّمت فوضىً من الدم والقتل، من النهب والعنف. بلا كوابحٍ أظهر البشر رغباتهم حيثما ظنوا أن لا عين تراقبهم، بغطاء الستر أظهروا حقيقتهم.

وحين سمعت بإعدام “مصاص دماء” مجرم، لم تستطع ترك ذلك. بطريقةٍ ما، لم ترد التواصل مع الآخرين، ولم تبغي أكثر من العودة لمكان سيدها؛ لكنها لم تستطع ترك هذا الإعدام يمضي دون رؤيته أيضاً.

ظهر أرسيلوف بقرب أليتاليس في مرحلةٍ ما، فاركاً لحيته المسودة بيده النحيلة، كان صوته خشناً وجافاً:”هيه، يافتى إذهب وأقتل الأميرة. فأليس هذا بمرادك؟ وعليك بالإسراع، فخطرٌ آخر يلوح بالأفق.”

بصمت، ذهبت إلى ساحة الإعدام. ومنذ ذلك الحين، إختلج ألمٌ لايطاق في صدرها — برؤية المعدم الهزل حمر العينين على المنصة.

— لن يستمر تلوث روحك طويلاً، ستتذكرين كل شيءٍ عمّا قريب. همم، بمحفزٍ كافٍ؟ نعم، ربما.

لم تفهم كلير سبب ذلك. لكنها لم تكن بالحمقاء، علمت مباشرةً بإرتباطهما بعلاقة دم!

“غينغ…”

وبالإنغماس في هذه الفوضى بعد حين، بعبور القتالات والثلوج، تمكّنت بطريقةٍ ما من شق طريقها إليه أخيراً.

تجاهله أليتاليس غير مبال بالكلمات، مهاجماً إياه. إندفعت الكرمات العملاقة نحو كاليد كمدٍ بحري، مجمدةً ماحولها. كادت قطع الجليد المسننة أن تنال منه لولا سرعتة بديهته وتحركاته السريعة كالريح. أطلق كاليد نفساً متنهداً؛ ثم تحرك!

“من…أنت…وأنا؟”أمسكت كلير بصدرها، أملاً منها في قمع قلبها الذي كاد أن ينفجر من مكانه، بتعبيرها المتألم، إنزلقت دمعةٌ من عينها اليسرى، ناظرةً إلى مصاص الدماء الآخر:”ماذا حدث لك؟”

متأملاً في هذا المشهد، فتح كاليد شفتيه، لكن تنهد في النهاية.

تغيرت التجاعيد على محيا أليتاليس قليلاً، وكأنه محيّر. لم يجب. بعد ثوان، إنحرفت زوايا فمه اليابس، في إبتسامة نادرة. قال:”…أنتِ لاتعلمين؟”

صرخ:”أيا رفيق؛ ما العنف إلا سبيل لمزيدٍ من الضلال. هل لّنا أن—”

“سووش!!!”

“تلقّى هذه — [كرة النار]!”

“أخبرتك — ستفنى اليوم!”

للوهلة الأولى، كان أرسيلوف وكأنه يملك حقداً على الإمبراطورية. ولكن لمشعوذِ مثله، لم يكن من المهم إحتياج سببٍ لقتل الأميرة أو غيرها من البشر — إذا أراد ذلك.

في تلك اللحظة، ظهر أولتير كالبرق بلا آوان، كان قد تحرر من لعنة الإنحدار منذ برهة؛ فقد ألغاها كاليد. ثم قدم إلى هنا خلسةً بلا ضجة. في البداية، خطط للوقوف قرب الأميرة لحمايتها مجدداً. لكن كيف لفارسٍ أن يترك مجرماً تسبب في إخفاقه طليقاً؟

في ثانية، لعب كاليد على عوده الصغير مصدراً لحناً رتيباً متعدد الأصوات. كان جميلاً متقلباً. إنتشر سريعاً بهدوء.

قرر الفارس في نفسه إستغلال هذا السكون لإغتيال المجرم وإتمام الإعدام. كان سلوكه وقحاً وجباناً؛ لكن لإتمام مهمته، لم يبال أولتير بالثمن — كان هذا هو ثمن العمل لدى الملوك؛ النتائج فوق كُل شيء!

لم يكن إستخدامها لسحرها للتحرر منه خياراً حكيماً؛ فأقل خطأٍ عنى الإنقحام مع الجليد، ماسيعني الإصابة بدوره. لم يكن هذا شيئاً تريده الأميرة. يالها من مزحة، أكان بحر الجليد حولهما موجوداً عبثاً؟ أقل خطأٍ عنى التجمّد.

“طنين!!”

بنفحة ريح، مزّق أولتير مجموعة من الكرمات المتجمدة الشديدة، وقال بصوتٍ رتيب:”هل أجنحة الرياح متوفرة بعد؟ أفضّل أن تتراجع الأميرة مؤقتاً حتى يصل العقيد كالسفير. آنذاك نستطيع قتلهما أو إعتقالهما — إن أردتِ.”

“سووش!!”

في تلك اللحظة، شعرت الأميرة بالقشعريرة تمتد على عمودها الفقري، رفعت يدها على الفور، حيث لمع سوارها البلوري بضوءٍ مخضّر. فجأة، وقبل أن تفعِّل كنزها، أُمسِكَت من ظلٍ خاطف على حين غرة، عندما إنفجرت تيارات الجليد مصطدمةً بموقعها!

لمع نصله الفضي بضوءٍ خاطف، مستخدماً إحدى أساليبه؛ أخلى الدرب أمامه من الجليد وباقي العوائق بعاصفة ريحٍ شرسة!

لكن في حالته هذه — مستنزفاً ومصاباً، لم يملك سوى ربع قوته الكاملة. بأخذ الأميرة كرهينة، كان ليستطيع إستعادة حقيبته البعدية، وأخذ مقدارٍ من البلورات السحرية بالمقابل، وإخلاء سبيله أيضاً.

فن القديس السابع — [رياح السفك]!

“سوو!!”

في تلك اللحظة، مرّ الوقت ببطء، أحاطت الرياح الزوبعية بسيف الفارس أولتير الفضي. ممزقةً نحو كتف أليتاليس. حاول كلاً من كاليد وكلير التحرك بغية إيقافه، لكن لم يبدو وكأنهما رأيا مالمحه أولتير بوضوح.

الكل في الكل، كانت الأمور تسري جيداً.

من زاوية ظهره، ومن وجهه المائل، برقت عين أليتاليس اليسرى، حين رأى الفارس أولتير ما أوشك أن يوقفه بذهول؛ مالم يكن من المفترض أن يظهر له.

فن القديس السابع — [رياح السفك]!

“ووش..”

إلى حدٍ ما، كان هو نفسه المتسبب في ذلك. فلم يستخدم تعاويذ الرتبة الرابعة سوى ضد أغاريس — المسخ المجنون! والذي قرر تصنيفه كـ”شذوذ”. كيف لرتبةٍ ثالثة مبكرة مثله أن يهزمه هكذا؟ كان هذا الشخص إمّا دجالاً أو جهبيذاً مجنوناً.

كان أليتاليس الذي لمع نجم الموت خلفه، يبتسم له!

——

“سووش!!”

“سووش!!!”

“رش!!”

زاد إنتشار الصدّى بكثافةٍ أوسع، راداً الصقيع بثلجه مخلياً ماحول كاليد، وقاشعاً الغطاء عمّا يبعُد عنه.

عاد الوقت للتحرك كالبرق، قبل أن يصل أي أحد، مزقت الزوبعة بشراسةٍ كتف أليتاليس وصولاً لقلبه. راشةً حولها رذاذ دمٍ تلألأ بالثلج. ممزقةً بلا رحمة وبشاعة، كامل النصف الأيسر من جسد أليتاليس.

أطلق أليتاليس تنهيدة عميقة. لم يبدو خصمه معززاً عادياً. وبطبيعة الحال، كان هذا أمراً مسلّماً به؛ وإلا لما قد يعين كحارسٍ للأميرة؟

“أيها الوغد!”في تلك اللحظة، تجمّد تعبير كاليد، و ومضت صدمةٌ في عينيه القرمزتيين بلمعان الدم الملطخ في الهواء. تحرك على الفور، لكّنه أدرك بأنه قد كان أبطء قليلاً. فبدلاً من ذلك، حول أنظاره لمكانٍ آخر.

في الواقع، أتى لمشاهدة الإعدام بغية رؤية الفوضى تبدأ. وحين ثار أليتاليس ضد الأميرة، أصبح سعيداً. ثم قرر مساعدته لكونه مثيراً للإهتمام، كان سيجني المزيد من الفوضى عبر قتله للأميرة، ناهيك عن إنزعاجه الطفيف من مطاردته المستمرة — من سحرة البلاط.

“لا!”صرخت كلير بذعر، كانت هالتها مشتتة، بدأت المانا حولها بالثوران. ولإدراكه بمدى سوء حالتها، تحرك كاليد نحوها فورياً. فبدلاً من إنقاذ من أوكِّد موته، قرر إنجاد من مازال يتنفس.

“لم يكن يجب أن يحصل هذا، لم يرتكب عمّي أي خطأ…لم…”

تنهد قليلاً:”موته هنا ليس بذلك السوء أيضاً.”

فن القديس السابع — [رياح السفك]!

“عمي، لما قد…تركتنا؟ هل كنا في النهاية…عبئاً؟”كان تعبير كلير لايزال يتغير، بينما تساقطت قطرات الدموع من عينيها كنهر, إختنق صوتها كقطة صغيرة:”لا، هذا خطأ. الأمر ليس كذلك…أنا لا أقصد هذا…”

في تلك اللحظة، مرّ الوقت ببطء، أحاطت الرياح الزوبعية بسيف الفارس أولتير الفضي. ممزقةً نحو كتف أليتاليس. حاول كلاً من كاليد وكلير التحرك بغية إيقافه، لكن لم يبدو وكأنهما رأيا مالمحه أولتير بوضوح.

بدأت وقفتها تختل، إبيض شعرها قليلاً، وكذا إزداد شحوب بشرتها أيضاً. كانت هالة الرتبة الثالثة الصادرة منها تفقد السيطرة.

“فماذا بعد ذلك؟ الرضى بما نُهب؟ أو التمتع بما حصل؟”

“لم يكن يجب أن يحصل هذا، لم يرتكب عمّي أي خطأ…لم…”

أحب كاليد الحسناوات. بالنسبة له، كانوا من جمال الحياة ومحاسنها. فكيف له تجاهل “الأميرة” في حالتها هذه؟

ضيق كاليد عينيه، تنهد و أفقدها وعيها بضرب رقبتها، ثم رفعها من خصرها، و وضعها على كتفه بخفة.

“غينغ!!”

“كُليّ آسىً له، لا أعلم عنه شيئاً، لكنه إمتلك إرادةً صلبة.”نظر كاليد إلى عيني أليتاليس الميت. إنتشر السائل الأحمر في كل مكان، لكنه لم يخفف من بروق تلكما العينين اللتان لم تحتويا على شيءٍ سوى السكون، كان مطمئناً. قال للفتاة المغشي عليها:”لا تَعذُلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ، قَد قُلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ[2].”

ظن الجميع أنه ينوي قتلها لكنه لم يكن بذلك الحمق، لقد نوى أخذها رهينة. فلم يرى سبيلاً للنجاة إلا بذلك!

واضعاً كلير على كتفه، تحرك كاليد بخطىً هادئة فوق برك الدم. لم ينظر إلى الفارس سافك الدم، أو إلى الأميرة الحسناء التي تركها منذ قليل. بدأت الرياح الباردة بالخفوت، وتلامعت بقاياها الثلجية فوق مُنتجها السّاحر.

خلال ثوانٍ، رأى وسمع كاليد قصصاً مختلفة. مُشكّلةً صورةً واضحة في ذهنه.

متأملاً في هذا المشهد، فتح كاليد شفتيه، لكن تنهد في النهاية.

في تلك البقعة، إنتشر الجليد كالنار في الهشيم، من الأرض، بدأت الكرمات ذات الأحجام البشرية بالبزوغ، مندمجةً معاً في أشجارٍ جليدية سميكة. مخفضةً من درجة حرارة المنطقة لأدنى من الصفر. 

“غينغ…”

فجاة، أحاطت تيارات الجليد ذات أشكل الثعابين والأزهار بكاليد من كل الجهات، مغلقةً دربه من الهرب.

لم يقل شيئاً، نقر على عوده بضع نقرات، بصدىً آسٍ هادئ.

دون التراجع، تقدّم إلى الأمام، تشكّل الجليد أمامه على هيئة كرماتٍ سميكة مسننة لاتعد ولاتحصى؛ وإندفعت في كُل الإتجاهات؛ نحو كاليد الذي تغيّر تعبيره.

“ووش…”

“سووش!!” 

ثم أدار رأسه، محدقاً بصمت بالفارس المدجج بالعتاد، وقبل أن يتحدث الأخير، إختفى في رياحٍ ذهبية.

الفصل 41 — مآسي.

——

من زاوية ظهره، ومن وجهه المائل، برقت عين أليتاليس اليسرى، حين رأى الفارس أولتير ما أوشك أن يوقفه بذهول؛ مالم يكن من المفترض أن يظهر له.

[1]: من ديوان المتنبي.

الفصل 41 — مآسي.

[2]: من ديوان ابن زريق البغدادي.

بعيداً، رأت أرسيلوف الجاثم بهالةٍ مماثلة لما يصدره أولتير. وقبلَه كان أليتاليس قادماً برياحه الباردة!

بسرعة، تحررت الأميرة من عناق حارسها الذي بدا وكأنه قد أصيب بتعويذة، إرتفعت الأجنحة الأثيرية من ظهرها، بعد ثانية، بدأت بالتذبذب. عابسةً ألغت المهارة، قبل أن تنظر حولها بهدوء. كان الجليد يملئ ناظرها؛ لكنه لم يمنع بصرها شيئاً.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط