زيفاير
الفصل 42 — زيفاير
في هذا العالم متعدد القارات، وجدت العديد من الطرق لإستخدام السحر. فلم يكن السحر بحد ذاته قائماً على إستخدام العناصر وحدها؛ وإنمّا كُل ما سُخِّرت فيه قوى العالم – المانا – كان سحراً.
وإنه ومن حسن حظه إستعداده الدائم بإمتلاك أطعمة تكفيه لبضع أشهر في مخزونه كونه مغامراً ورحالاً أيضاً.
ولعدم إستحالة أي شيء بفضل العقل البشري، إنتشرت العجائب والغرائب، وتنافست المواهب في تميزها دون عن غيرها؛ فالأبطال ألهموا أنفسهم وغيرهم، مشرقين كشمس حضارة ضوءها لا يفنى على مدار الحقب؛ فقد كان الشرط الأول للتميز هو عدم الإنحصار في قيدٍ أو شرط، وكسر المستحيل إمّا بالحظ أو الإجتهاد!
فعل ذلك الإرستقراطي الشاب مالم يستطع فعله.
كان زيفاير مثالاً على الإجتهاد.
بين الأشجار الشبحية والأعشاب السوداء ورائحة الموت والجثث العفنة، وجدت بلدة صغيرة من الخيام والأكواخ، كانت بدائية الملامح والبنيان، كافية المهام والأغراض. تجمع حولها جمعٌ هائل من الناس بحثاً عن الملجئ والأمان، ملقيين في الطرقات وحول الأسوار. أحاط حاجزٌ أزرق حولها، حامياً إياها من شيء كان كالسّم في الهواء – الأثير!
ترعرع في ميتم قد وقع في العاصمة، وبعد مراسم الإيقاظ، شكّل نواته فلم يكن ذو نصيبٍ أو نسب، موقظاً سلطةً أو علامةً سحرية. مكتسباً بها ما قد يرفع من شأنه ويجعله محط أنظار المنظمات. كان محبطاً كطفل؛ بالأخص كيتيم ليس له إلا نفسه. لكنّه ولصلابة ذهنه بعمره ذاك لم ييأس أو يحبط، بل وقد إمتنّ كونه قد أصبح ساحراً!
وفي مطلع الحقبة القادمة وفي أواخر الحقبة الحالية، لم يسع مايرل سوى الشعور بالرعب مما هو قادم، كان هذا البعد السري مثالاً على ذلك: قد يبدو بسيطاً للوهلة الأولى، لكنّ مايرل قد آمن أن الأمر خلاف ذلك…فلم تكن مياه هذا العالم بهذه الضحالة!
فإمتلاكه لنواة سحرية قد عنى قدرته على السير في طريق السحرة لتسخير المانا والإرتفاع في هذا العالم!
آنذاك كان قد بادر أحد ملّاك الميتم وبسرية بالتواصل معه، مقترحاً عليه: أن يصبح عينة تجارب لدى ساحر ما، وبالمقابل كان سيأخذ النتائج لنفسه، ويُدعم من قبله ببعض الموارد الأساسية للعيش كساحر. لذلك وفي سنّ مبكرة، طوّر زيفاير إدراكاً بمدى قساوة هذا العالم، وبالمبدأ الأساسي للسحرة والمتمثل في “تجارة التبادل”.
هز مايرل رأسه.” قدراتي محدودة، ولست بباعث أو متعاقد. وهذا لا يتضمن مجالي أيضاً؛ كوني قادراً على إبقاءها حيةً هو معجزة بحد ذاته، لا تتمنى أكثر من ذلك.”ثم ابتسم بمرارة وقال:”سحر الموت والروح محرّمان لأسباب واضحة، ومن سوء حظها وجودها هنا، فهذا يفاقم حالتها فقط.”
كان الميتم الذي رباه يراه كفرصة إستثمارية، إن قبل أُخذ وأجريت عليه التجارب، وإن رفض فقد كان عليه المغادرة والعيش وحيداً بدأً من سن السادسة!
هز مايرل رأسه.” قدراتي محدودة، ولست بباعث أو متعاقد. وهذا لا يتضمن مجالي أيضاً؛ كوني قادراً على إبقاءها حيةً هو معجزة بحد ذاته، لا تتمنى أكثر من ذلك.”ثم ابتسم بمرارة وقال:”سحر الموت والروح محرّمان لأسباب واضحة، ومن سوء حظها وجودها هنا، فهذا يفاقم حالتها فقط.”
ما دام المرء حياً، فقد إمتلك المجال للنمو بلا شك. لذلك قبل زيفاير الفرصة ليصبح عينة تجارب. وإنه ومن حسن حظه مساعدة ذلك له في زيادة مخزون المانا خاصته بعدة أضعاف عن المعتاد!
فإمتلاكه لنواة سحرية قد عنى قدرته على السير في طريق السحرة لتسخير المانا والإرتفاع في هذا العالم!
فسلك زيفاير مساراً مزدوجاً في إستخدام السحر؛ كان معززاً وساحراً في الوقت نفسه؛ فقد أُنعم بمخزون مانا كبير بإجتهاده، وبعد عقد من ذلك، تطوع لعامين لدى محكمة الحقيقة. مستفيداً منها في زيادة مخزونه المعرفي والسحري والنظامي مدركاً أهمية العلوم في هذا العالم؛ وبإضافة خبرة عشر سنين كمغامر في الصنف A مطبقاً جلّ ما تعلمه؛ بمفرده دون دعم أي منظمة، وفي عمر الـ26 كان زيفاير قد حقق الرتبة الرابعة المتوسطة!
كانت هذه سيثريا غرود، مغامرة من الصنف B من حزب مخالب الجشع؛ وأحد المغامرين الأوائل في المرسلين لإستكشاف البعد!
تحت السماء الليلة المتطايرة بالأشفاق، حيثما إختلف الحقل. وجِدت غابةٌ حالكة السواد؛ برؤوسٍ متنوعة الأشكال، ذات تعابير مرعبة في غُلَفٍ شفافة. مدعومةً بجذوعٍ داكنة كالأيادي. لمع الأثير الفضي ببرقة، بينما تحركت الأعشاب السوداء على الأرض بفعل الرياح غامضة المصدر.
ملئت العتمة المكان، مكتنفةً بالآلام والأحزان.
سأل زيفاير شيئاً كان يدور بخلده منذ فترة، مستغلاً الفرصة للإستزادة:”لما البرق عنصر أولي؟”
كان هذا المكان أشبه بمستقر الموتى عبر التاريخ. بكل مافيها من عجائب الأشباح واللاموتى، كانت أرض موت مطلقة لأي مخلوق حي.
عمّ الصمت لدقائق، وشعر كلا من مايرل وزيفاير بمدى ضآلتهما أمام ماقد يحدث. كان الجو ثقيلاً. في النهاية، ماكان للمسن إلا التنهد مذكراً نفسه بعدم إشغال نفسه بذلك، ثم غيّر الموضوع:”الآن لنركز على وضعنا الحالي، أي تحديثاتٍ أخرى لديك؟”
لكن أنى لهذا رد مخلوقات كالبشر؟
وإنه ومن حسن حظه إستعداده الدائم بإمتلاك أطعمة تكفيه لبضع أشهر في مخزونه كونه مغامراً ورحالاً أيضاً.
بين الأشجار الشبحية والأعشاب السوداء ورائحة الموت والجثث العفنة، وجدت بلدة صغيرة من الخيام والأكواخ، كانت بدائية الملامح والبنيان، كافية المهام والأغراض. تجمع حولها جمعٌ هائل من الناس بحثاً عن الملجئ والأمان، ملقيين في الطرقات وحول الأسوار. أحاط حاجزٌ أزرق حولها، حامياً إياها من شيء كان كالسّم في الهواء – الأثير!
دخل الخيمة رجل مسن.
وقف زيفاير أمام سورٍ صخري بدائي قليلاً، حرسه مشعوذان غريبا المظهر.
بين الأشجار الشبحية والأعشاب السوداء ورائحة الموت والجثث العفنة، وجدت بلدة صغيرة من الخيام والأكواخ، كانت بدائية الملامح والبنيان، كافية المهام والأغراض. تجمع حولها جمعٌ هائل من الناس بحثاً عن الملجئ والأمان، ملقيين في الطرقات وحول الأسوار. أحاط حاجزٌ أزرق حولها، حامياً إياها من شيء كان كالسّم في الهواء – الأثير!
كان زيفاير رجلاً طويلاً. مرتدياً بنطالاً أسوداً وقلنسوة زرقاء داكنة لم تبرز ما أسفلها. كان حاد الملامح مستقيم الأنف خفيف اللحى، بني الشعر، بندبة بارزة على فمه، كان قد تلقاها في إحدى مغامراته. كان حاداً وإن ستر نفسه.
لم يعلم كيف تمكّن الإخوة بيليت من تحقيق ذلك، لكنهم قد صنعوا مصفوفة سحرية قد عزلت الكثير من المجال الروحي الواقع عليهم مخففة وبشدة تأثيرات الأثير وما تجلبه من ضرر. نتيجةً لذلك، كثيراً ماعاد الناس إلى هذه البلدة، حتى يرتاحوا مؤقتاً. فعلى حد علمه، كانت هذه البلدة هي الوحيدة في البعد وبمثل هذا الخواص – حتى الآن.
لم يكن هو الوحيد هنا، وجد العشرات من الناس المتكئين على الأسوار وما حولها، فلم يُقدّر لهم دخول البلدة أبداً. فقد تطلبت القوة والمال!
“التحصين…”نظر إليه الخيميائي بإمعان، قبل أن يسأل:”كم جرعة قد شربت حتى الآن؟”
لم يسعه سوى الإستنكار ناظراً إلى كل هؤلاء اللاجئين أمام السور الصخري:’ما زال العدد يزداد…لكم ستنجو هذه البلدة؟ وهذه الرائحة اللاذعة أيضاً…’
لم يكن هو الوحيد هنا، وجد العشرات من الناس المتكئين على الأسوار وما حولها، فلم يُقدّر لهم دخول البلدة أبداً. فقد تطلبت القوة والمال!
كان هذا أول ملجئ للبشر داخل هذا الجزء من البعد، بلدة بيليت!
قبل شهرين، بدأت مآساة مفاجئة حين تجمهر جمع من الناس أمام بوابة بعد سري غامض كان قد ظهر في إمبراطورية فولنهايم العظمى، محتجين برغبتهم بدخوله قائلين بأن الإمبراطورية تبغيه لنفسها دوناً عنهم.
لكن أنى لهذا رد مخلوقات كالبشر؟
ومالم يتوقعه أحد هو إنفجار البوابة المفاجئ وإبتلاعهم من قبلها!
لم تستخدم الأبعاد السرية بكثرة إلا في الحقبتي الثانية والثالثة، وكان ذلك لسببين: تكبّر الأركانيين ونظرهم للأبعاد السرية كمنازل لعالي المقام، ولكونها سهلة الحماية ضد الأعداء الخارجيين — الأعراق الأخرى!
بدخولهم البعد السري بغتة جاهلين غير مستعدين، ماتت أعداد هائلة من الناس. لكّن أهم سبب قد كان وبلا شك، عدم القدرة على تحمل الضغط الروحي!
“إن كان للموت والحياة عناصر؛ وللدم عنصر أيضاً، فهل الروح سلطة أم عنصر؟”
كانت بيئة هذا البعد السري كما لم يُسمع قط حتى في القارة الشمالية، أرض موت مطلقة! إنتشرت الأرواح في كل مكان، منتجة مجالات واسعة لا تطاق من الضغط على أرواح الأحياء.
كان البقاء هنا كالصعود فوق قمة مرتفعة حيث لا هواء يصل للرئة أو كالغوص في أعماق البحر بضغطٍ لايقاوم. لسوء الحظ، مات على الأقل نصف من دخل البعد السري فقط لمواجهتهم المستمرة للضغط الروحي الذي لا مناص منه خلال الشهرين المنصرمين. ناهيك عن باقي الأخطار الأخرى كالوحوش والأشباح واللاموتى!
لذلك وللرتبة الأولى والثانية بالأخص، كان هذا المكان جحيماً لا يمكن العيش فيه. إنتشرت جثثهم في أنحاء في أنحاء البعد، وقد صعُب عليهم البقاء بعد هذه المدة. وحينما كانت تظهر أي تجمعات قوية صانعةً مستقراً ما كانوا – وبعدم فائدتهم – يطالبون بالمشاركة في ذلك أو الحماية على الأقل.
‘لهذا عوائده السلبية، على الإخوة بيليت إزالة هؤلاء من هذه المنطقة..التراكم آفة.’ فور أن فكر زيفاير في ذلك، رأى شاباً نحيلاً يزحف نحو البوابة.
كان شاحباً كمن كان على شفى الموت، تخثّر الدم أسفل كلتا فتحتي أنفه منذ فترة طويلة، كان لون عينيه دموياً بالكامل. لم يستطع السير حتى، زحف متوسلاً، وبصوت متقطع، كان يهمس:”التـ..ـحصـ…ـين..”
اتفق كلاهما على ضرورة إمتلاك دعم خارجي، فقد تطلبت الإستكشافات الأموال والموارد. ولم يكفي تنفيذ المهام لسد مصاريفهم. رأى غرانيتش بأن أي مصدر يفي بالغرض، وآنذاك بادر إرستقراطي شاب بالتواصل معهم
“ر..جا..ءاً…فقـ…ط…جـ…جـ…ـغـ…مة…”
“ومن غير المعقول أن يكونوا قد ماتوا بعد، أليس كذلك؟”
لم يضيع الحارسان ماناتهما عليه، ونظرا إليه ببرود، في النهاية مات لوحده بعد ثوان.
‘الحمقى…’أخفض زيفاير حاجبيه بلا وعي شاعراً ببرد طفيف على عموده الفقري، ثم تنهد. كان قلبه هادئاً أمام هكذا مناظر، فقد رأى ما هو أسوأ قبلاً. رغم ذلك…
لذلك كان، لا، بل وجب عليه السعي في ذلك!
لم يعلم ما إذا كانت عيناه مميزتين أم النّاس قد تفادوا هذا بلا وعي، لكّن كل موتة لم تساهم إلا في زيادة الأثير في الأرجاء. والذي بدوره قد جعل البيئة أكثر سمية من الناحية الروحية…كانت الجثث ستنظف، لكن ليس الأثير الباقي. قد عنى هذا أن هذه البيئة كانت تُستنزف بإستمرار.
لم ينتج الأثير إلا من الأرواح؛ فقد كان جوهرها ومكونها، وبطبيعة الحال ما ساهمت كل ميتة إلا في إزدياده بالأرجاء.
“أترى؟”ضحك مايرل، كان صوته عميقاً حين قال:”مرد كل من عبث بالروح إمّا الجنون أو…الموت، ولا مفر من ذلك.”
‘لأرجوا ألا تسقط البلدة خلال زياراتي القادمة، على الأقل لتسلم المسلّة…’
كان لزيفاير خبراته في الحياة دوناً عن مخالب الجشع، بدأً من طفولته بعد مراسم الإيقاظ لدى الميتم والمدار من النبلاء؛ كان من المستحيل أن يثق زيفاير بهم!
غير مبالٍ أكثر في أفكاره، دخل زيفاير البلدة.
فسلك زيفاير مساراً مزدوجاً في إستخدام السحر؛ كان معززاً وساحراً في الوقت نفسه؛ فقد أُنعم بمخزون مانا كبير بإجتهاده، وبعد عقد من ذلك، تطوع لعامين لدى محكمة الحقيقة. مستفيداً منها في زيادة مخزونه المعرفي والسحري والنظامي مدركاً أهمية العلوم في هذا العالم؛ وبإضافة خبرة عشر سنين كمغامر في الصنف A مطبقاً جلّ ما تعلمه؛ بمفرده دون دعم أي منظمة، وفي عمر الـ26 كان زيفاير قد حقق الرتبة الرابعة المتوسطة!
“هاه!”
كان لزيفاير خبراته في الحياة دوناً عن مخالب الجشع، بدأً من طفولته بعد مراسم الإيقاظ لدى الميتم والمدار من النبلاء؛ كان من المستحيل أن يثق زيفاير بهم!
فور إجتيازه للسور، إختل توازن كتفيه لنصف ثانية. ما دفعه لإطلاق زفير شديد. خف الوزن على كتفيه إلى النصف عمّا كان عليه، ولمثل هذه البيئة التراكمية والشريرة، كان هذا التغير بالوزن كافياً له لأن يطلق تنهيدةً مرتاحة شاعراً بأنفاسه أخيراً. لم تكن هذه هي أول مرة يمر بها بهذا، لكنه لم يستطع التعود عليه فعلاً.
أدرك زيفاير بأنه قد فشل كقائد. ولم يستطع سد ذلك النقص، لذلك تخلى عن القيادة له.
لم يعلم كيف تمكّن الإخوة بيليت من تحقيق ذلك، لكنهم قد صنعوا مصفوفة سحرية قد عزلت الكثير من المجال الروحي الواقع عليهم مخففة وبشدة تأثيرات الأثير وما تجلبه من ضرر. نتيجةً لذلك، كثيراً ماعاد الناس إلى هذه البلدة، حتى يرتاحوا مؤقتاً. فعلى حد علمه، كانت هذه البلدة هي الوحيدة في البعد وبمثل هذا الخواص – حتى الآن.
في عالم السيف والسحر، كانت الروح مفهوماً غامضاً ومبهماً؛ ولم يثبت وجودها حتى لدى الكثيرين. وعلى الرغم من ذلك، كانت مستخدمة في أوساط عدة، لكن وبالإتفاق — لم يثبت عنها شيء أو مسار واضح.
‘هذا حقاً…’
آثناء سيره، شعر زيفاير بالرغبة بالقيئ كلّما رأى أضواء الشفق في السماء الليلية، وإفتقد ضوء الشمس مؤلم العينين. فبلا ضوء وبين الظلام والآلام، كان القلب بلا مناره تقوده. لكنه قد منع نفسه من ذلك وإن إختلج الغثيان فيه متراكماً، فقد كان الطعام في جوفه مورد نجاة مهم لا غنى عنه.
“السلطات في جوهرها ليست أكثر من صيغ جاهزة لعناصر مدمجة، فالأرض والنار ينتجان البراكين، والرمال والنار ينتجان الزجاج، وكذا…لهذا تسمّى بالأشكال المتقدمة، وكذا بالفرعية. لأنها تفرعت في أصلها من غيرها.”حين قال مايرل ذلك، لمعت عيناه بضوءٍ عميق وابتسم:”ولكون الأمر محتملاً وغير محدود، ولترى عجيب هذا العالم، يمكن الوصول لهيئة العناصر الأولية بدمج بعض العناصر مع بعضها، أترى؟”
وإنه ومن حسن حظه إستعداده الدائم بإمتلاك أطعمة تكفيه لبضع أشهر في مخزونه كونه مغامراً ورحالاً أيضاً.
كانت هذه المسلة شيئاً مشوقاً.
بعد مدة من السير، وصل لوجهته – خيمة مميزة بحارسين؛ كان هذا موقع أهم خيميائي بالبلدة. حرسه رجلان في الرتبة الثالثة المبكرة. ولندرة الرتبة الثالثة وضرورتهم القصوى في هذا البعد السري، أوضح هذا مدى أهميته كخميائي لقادته. فقد وجد واحد لدى البوابة، وإثنان لدى الخيميائي.
لم يعرف زيفاير الجواب. فلم يكن متأكداً من فهمه لما قاله مايرل 100%.
مرّ زيفاير بفحص دوري، قبل أن يدخل إلى الخيمة. كان محتواها بسيطاً؛ لكن لم يهمه سوى الطاولة التي بيعت فيها الجرعات، حيثما كان البائع هو الخيميائي بنفسه.
كان الخيميائي ملثماً بالكامل، تحدث بصوت أجش بلا تحيات:”أي جرعة؟”
بعد شراء جرعتي تحصين، وثلاث جرع شفاء، وجرعة إستعادة مانا واحدة. غادر زيفاير، سار بين الخيام، حتى وصل لخيمة كانت في منعزلة قليلاً عن باقي الخيام.
كان صوت زيفاير هادئاً:”التحصين.”
هز مايرل رأسه.” قدراتي محدودة، ولست بباعث أو متعاقد. وهذا لا يتضمن مجالي أيضاً؛ كوني قادراً على إبقاءها حيةً هو معجزة بحد ذاته، لا تتمنى أكثر من ذلك.”ثم ابتسم بمرارة وقال:”سحر الموت والروح محرّمان لأسباب واضحة، ومن سوء حظها وجودها هنا، فهذا يفاقم حالتها فقط.”
“التحصين…”نظر إليه الخيميائي بإمعان، قبل أن يسأل:”كم جرعة قد شربت حتى الآن؟”
— جرعة التحصين.
كانت جرعة منخفضة الدرجة من الدرجة 3، صنعها الإخوة بيليت لمقاومة آثار الضغط الروحي وتخفيفها قدر الإمكان على الناس. وكانت آثارها واضحة؛ فبينما عانى الكثيرون من رعاف وغثيان وهذيان لايطاق في الأذنين، بات ذلك لا يتخطّى الآن رعافاً وبعض الصداع.
“بتنفيذ المهام الموجودة على المسلة، يمكنك نيل الثروات! لا تقلق – فنحن نُزهاء؛ وسنتأكد من مكافأتك تعبك جيداً! ستعرف بعض الأسرار بعد تنفيذ المهام، وقد تحصل على مكافآتٍ سرية! هذه فرصةٌ يا رفيق – قد تتغير حياتك للأفضل!”
بالضبط، كان هذا هو ما يترجى المتوسل لدّى البوابة لأخذه.
“ر..جا..ءاً…فقـ…ط…جـ…جـ…ـغـ…مة…”
وبواسطة إحتكارها في السوق، وزيادة إمتلاكهما لمسلة المهام، تمكن الإخوة بيليت من التحكّم بأعداد هائلة من الناس بسهولة. فمن كان ليقاوم دواءاً كهذا وسط هذه البيئة؟ ناهيك عن الحاجز حول البلدة!
عبر هذه الجرعة خفت الآثار التراكمية للضغط الروحي كثيراً، وبات إستكشاف البعد السري أسهل بتفاوت عمّا كان عليه، لكن وكعادة النظام المناعي البشري؛ ولكون هذه الجرعة منتجاً أولياً، وجب تخفيف إستخدامها لئلا تُكتسب منها مناعة توقف أثارها، فقد كان هذا وارداً؛ وكان ذلك سبب سؤال الخيميائي له.
لم يطل زيفاير التفكير، وقال:”ثلاثة. أظن أن حدي سيصل بعد جرعتين إضافيتين.”
هز مايرل رأسه.” قدراتي محدودة، ولست بباعث أو متعاقد. وهذا لا يتضمن مجالي أيضاً؛ كوني قادراً على إبقاءها حيةً هو معجزة بحد ذاته، لا تتمنى أكثر من ذلك.”ثم ابتسم بمرارة وقال:”سحر الموت والروح محرّمان لأسباب واضحة، ومن سوء حظها وجودها هنا، فهذا يفاقم حالتها فقط.”
أومأ له الخيميائي وأثنى:”مقاومتك مدعاة للثناء. ما رأيك، هل تود تجربة جرعة جديدة؟ سأوصي لك لدى القائد دولاد.”
كان هذا أيضاً عرضاً لأن يكون عينة بشرية؛ فقد رأى الخميائي مقاومةً جيدة لدى زيفاير، لكن الأخير قد رفض عرضه مباشرة. وعلى أي حال: كان طلب الخيميائي الغريب هذا شيئاً شائعاً، وكذا أن يُرفض، لذلك لم يبال كلاهما بالأمر.
لكن لم يتخطى حجم أكبر بعد سري 5000 كيلومتر في أفضل الأحوال. فقد كانت الأبعاد السرية حارقةً للموارد بطبعها؛ ناهيك عن تقلبات الفضاء، وباقي مشاكلها الأخرى.
بعد شراء جرعتي تحصين، وثلاث جرع شفاء، وجرعة إستعادة مانا واحدة. غادر زيفاير، سار بين الخيام، حتى وصل لخيمة كانت في منعزلة قليلاً عن باقي الخيام.
أدرك زيفاير بأنه قد فشل كقائد. ولم يستطع سد ذلك النقص، لذلك تخلى عن القيادة له.
دخل بهدوء، حتى وصل لإحدى زوايا الخيمة حيث وجد سرير بسيط. فوق السرير، إستلقت إمرأة شاحبة. كانت متوسطة الجمال بشعرها البني، مرتجفةً في نومها، بتعبيرٍ متألم كمن عانى من كابوس.
منذ ذلك الحين، كان زيفاير يساعده مقابل البحث عن ابن أخيه، وأن يكون أذنه في هذا البعد. فقد كان باحثاً على مايبدو، لذلك لم يرد أن يشغل نفسه بما يحصل.
“سيثريا…”
لم يسع زيفاير سوى إطلاق تنهيدة مثقلة.
في كل الأحوال، كان قد هزم تماماً من قبل ذلك الارستقراطي.
كانت هذه سيثريا غرود، مغامرة من الصنف B من حزب مخالب الجشع؛ وأحد المغامرين الأوائل في المرسلين لإستكشاف البعد!
كان زيفاير عضواً سابقاً في حزب مخالب الجشع.
‘مالذي حصل حقاً…؟’ آمن زيفاير بحصول شيْ غريب حتى تصبح سيثريا بهذه الحال الملوثة روحياً والبلا عقل، فقد إمتلكت إحتياطاتها الكافية للدفاع عن بيئة هذا البعد لئلا تصبح بهذه الحالة على الأقل. ناهيك عن فقدانه لباقي الأعضاء أيضاً!
حزب المغامرين ذو التصنيف B، والذين قد كانوا أوّل من يدخل إلى البعد السري، رفقة جمع من سحرة البرج!
“لا، “أصبح صوته أرق:”كما أخبرتك. لا حول لي في هذا؛ جد باعثاً أو ما شابه، حتى خيميائي ذو خبرة بالمجال المقابل سيفي بالغرض.”
ناظراً لحال سيثريا العصيبة، ماكان له إلا التفكير في الماضي: هل اخطأ حينها؟
“هاه!”
كان زيفاير عضواً مؤسساً في حزب مخالب الجشع؛ كان من مطوريه رفقة غرانتيش وعضو آخر قد وافته المنية منذ سنوات. آنذاك، إختلف هو وغرانيتش في كيفية إدارة الحزب وتطويره، فقد شكلت وفاة ذلك العضو صدمةً لهما؛ وكان لكل منهما رأي بعد ذلك.
لمعت عينا مايرل، قبل أن يومأ:”تابع.”
اتفق كلاهما على ضرورة إمتلاك دعم خارجي، فقد تطلبت الإستكشافات الأموال والموارد. ولم يكفي تنفيذ المهام لسد مصاريفهم. رأى غرانيتش بأن أي مصدر يفي بالغرض، وآنذاك بادر إرستقراطي شاب بالتواصل معهم
‘مالذي حصل حقاً…؟’ آمن زيفاير بحصول شيْ غريب حتى تصبح سيثريا بهذه الحال الملوثة روحياً والبلا عقل، فقد إمتلكت إحتياطاتها الكافية للدفاع عن بيئة هذا البعد لئلا تصبح بهذه الحالة على الأقل. ناهيك عن فقدانه لباقي الأعضاء أيضاً!
لم يضيع الحارسان ماناتهما عليه، ونظرا إليه ببرود، في النهاية مات لوحده بعد ثوان.
كان لزيفاير خبراته في الحياة دوناً عن مخالب الجشع، بدأً من طفولته بعد مراسم الإيقاظ لدى الميتم والمدار من النبلاء؛ كان من المستحيل أن يثق زيفاير بهم!
“أوقف البحث عن ثيلرن مؤقتاً، وركّز على إستكشاف البعد والبحث عن رفاقك…”توقف مؤقتاً ثم ألقى نظرة سريعة على سيثريا ثم قال:”بالنسبة لها…لا يمكنني مساعدتها أكثر من ذلك.”
كان زيفاير عضواً سابقاً في حزب مخالب الجشع.
لهذا كان مقترحه البديل هو الإعتماد على المنظمات السحرية كـ”محكمة الحقيقة” فقد كان له تجربته معهم، ورأى منهجيتهم وعمليتهم عكس النبلاء الساعين للفوائد بعمي.
مرّ زيفاير بفحص دوري، قبل أن يدخل إلى الخيمة. كان محتواها بسيطاً؛ لكن لم يهمه سوى الطاولة التي بيعت فيها الجرعات، حيثما كان البائع هو الخيميائي بنفسه.
في النهاية مال الحزب لخيار غرانيتش أكثر فقد أغراهم ذلك الإرستقراطي الشاب بفوائد جمة. بعد فترة من ذلك، غادر زيفاير الحزب. وثق زيفاير بغريزته ولم يشعر بالراحة على الإطلاق بوجود ذلك الإرتسقراطي بالجوار، ولم يستطع ثني رفاقه، في النهاية تم تعويضه بقدر ممتلكاته، وكان ذلك مفترق طريقه مع مخالب الجشع.
الفصل 42 — زيفاير في هذا العالم متعدد القارات، وجدت العديد من الطرق لإستخدام السحر. فلم يكن السحر بحد ذاته قائماً على إستخدام العناصر وحدها؛ وإنمّا كُل ما سُخِّرت فيه قوى العالم – المانا – كان سحراً.
لكن أنى لهذا رد مخلوقات كالبشر؟
فعل ذلك الإرستقراطي الشاب مالم يستطع فعله.
الفصل 42 — زيفاير في هذا العالم متعدد القارات، وجدت العديد من الطرق لإستخدام السحر. فلم يكن السحر بحد ذاته قائماً على إستخدام العناصر وحدها؛ وإنمّا كُل ما سُخِّرت فيه قوى العالم – المانا – كان سحراً.
“هاه!”
أدرك زيفاير بأنه قد فشل كقائد. ولم يستطع سد ذلك النقص، لذلك تخلى عن القيادة له.
في كل الأحوال، كان قد هزم تماماً من قبل ذلك الارستقراطي.
لم يعرف زيفاير الجواب. فلم يكن متأكداً من فهمه لما قاله مايرل 100%.
منذ فترة، سمع زيفاير بخبر ظهور بعد سري بأضواء شفق غامضة بالجوار، وبنيل مخال الجشع لحقوق أستكشافه الأولى. حين لم يعودوا خلال شهر واحد، كان قد قطع طريقه بسرعة لموقع البعد.
ترعرع في ميتم قد وقع في العاصمة، وبعد مراسم الإيقاظ، شكّل نواته فلم يكن ذو نصيبٍ أو نسب، موقظاً سلطةً أو علامةً سحرية. مكتسباً بها ما قد يرفع من شأنه ويجعله محط أنظار المنظمات. كان محبطاً كطفل؛ بالأخص كيتيم ليس له إلا نفسه. لكنّه ولصلابة ذهنه بعمره ذاك لم ييأس أو يحبط، بل وقد إمتنّ كونه قد أصبح ساحراً!
سأل:”كيف أصبحت؟ هل ما تزال تتحسن؟”
كونهم مغامرين، فقد عنى ذلك مواجتهم للأخطار والموت دائماً؛ لكن ولأنهم مغامرون، فقد إمتلكوا طرقهم للعيش وللتواصل رغم كل شيء. لذلك رأى زيفاير إنقطاعهم التام لشهر أمراً غريباً، وأتى للتحقق بنفسه، حين أقحم فجاةً في البعد، و وجد سيثريا بهذه الحال.
“نعم.”أجاب مايرل قبل أن يستغرب:”ألاحظت شيئاً؟”
ما دام المرء حياً، فقد إمتلك المجال للنمو بلا شك. لذلك قبل زيفاير الفرصة ليصبح عينة تجارب. وإنه ومن حسن حظه مساعدة ذلك له في زيادة مخزون المانا خاصته بعدة أضعاف عن المعتاد!
‘مالذي حصل حقاً…؟’ آمن زيفاير بحصول شيْ غريب حتى تصبح سيثريا بهذه الحال الملوثة روحياً والبلا عقل، فقد إمتلكت إحتياطاتها الكافية للدفاع عن بيئة هذا البعد لئلا تصبح بهذه الحالة على الأقل. ناهيك عن فقدانه لباقي الأعضاء أيضاً!
بين الأشجار الشبحية والأعشاب السوداء ورائحة الموت والجثث العفنة، وجدت بلدة صغيرة من الخيام والأكواخ، كانت بدائية الملامح والبنيان، كافية المهام والأغراض. تجمع حولها جمعٌ هائل من الناس بحثاً عن الملجئ والأمان، ملقيين في الطرقات وحول الأسوار. أحاط حاجزٌ أزرق حولها، حامياً إياها من شيء كان كالسّم في الهواء – الأثير!
‘هذا حقاً…’
كان عليه معرفة ماحصل لهم، وإنقاذهم على الاقل!
في كل الأحوال، كان قد هزم تماماً من قبل ذلك الارستقراطي.
فسلك زيفاير مساراً مزدوجاً في إستخدام السحر؛ كان معززاً وساحراً في الوقت نفسه؛ فقد أُنعم بمخزون مانا كبير بإجتهاده، وبعد عقد من ذلك، تطوع لعامين لدى محكمة الحقيقة. مستفيداً منها في زيادة مخزونه المعرفي والسحري والنظامي مدركاً أهمية العلوم في هذا العالم؛ وبإضافة خبرة عشر سنين كمغامر في الصنف A مطبقاً جلّ ما تعلمه؛ بمفرده دون دعم أي منظمة، وفي عمر الـ26 كان زيفاير قد حقق الرتبة الرابعة المتوسطة!
‘أحتاج لمعرفة ماحصل لهم…بأي ثمن.’
لم يطل زيفاير التفكير، وقال:”ثلاثة. أظن أن حدي سيصل بعد جرعتين إضافيتين.”
بالنسبة له، فحتى وإن غادر حزب مخالب الجشع، إلا أنه قد كان منزلاً له ذات مرة، وخلّ أعضاءه إخوة له. فأنّى له إدارة ظهره لهم والتركيز على إستكشاف البعد في هكذا موقف؟
أومأ له الخيميائي وأثنى:”مقاومتك مدعاة للثناء. ما رأيك، هل تود تجربة جرعة جديدة؟ سأوصي لك لدى القائد دولاد.”
لم يستطع زيفاير ذلك.
“ومن غير المعقول أن يكونوا قد ماتوا بعد، أليس كذلك؟”
“حفيف…”
“هاه!”
دخل الخيمة رجل مسن.
تطورت العديد من الأسحار على مر العصور، كالبصيرة في الحقبة الثانية، والفضاء والزمان في الحقبة الثالثة، والحياة والموت في الحقبة الرابعة على أيدي القديسين وغيرهم من الحكماء العظام على مر التاريخ. وحتى سحر الأرواح لم يظهر على يد القديس اللوتس الغامض سوى في أوساط الحقبة الرابعة.
“لذلك إعلم؛ في اليوم الذي سترى فيه تطبيقاً عملياً للروح كسحر أو كعنصر وبشكل مباشر بسحر ذو مسار مثبت، إعلم أن هذه بادرة عصر جديد…”لم يسع مايرل إلا لمح غابة الأشباح المرعبة، متذكرًا مابها من أثير وأرواح، تنهد:”لا أظن أنّ هذا ببعيد.”
كان أشيباً طويلاً بملابس ساحر رمادية وبيضاء، كان محلوق اللحى، عُجّ وجهه بالتجاعيد، وبينهم برزت عيناه العميقتان كبئرٍ قديمة، كان طويل الشعر. كانت هالته ساكنة، لم تبرز حتى كساحر في الرتبة الأولى، ما أعطاه جواً من الحكمة والغموض، ابتسم:”انت هنا، مرحباً بك.”
كانت جوهر هذا البعد، والدليل الأهم حتى الآن للوصول لما كتب عنه أنه الميراث. كان منجماً للجوائز والمكافآت الرائعة، وطريقاً للميراث النهائي — كما كتب عليها!
سأل زيفاير شيئاً كان يدور بخلده منذ فترة، مستغلاً الفرصة للإستزادة:”لما البرق عنصر أولي؟”
كان هذا المسن يدعى بـ مايرل. كان محسن زيفاير ومنقذه، إلتقاه زيفاير بعد إيجاده لسيثريا.
منذ ذلك الحين، كان زيفاير يساعده مقابل البحث عن ابن أخيه، وأن يكون أذنه في هذا البعد. فقد كان باحثاً على مايبدو، لذلك لم يرد أن يشغل نفسه بما يحصل.
“هيه.” ضحك مايرل، قبل أن يسأل بعمق:”للوجودات عناصر؛ فالضوء والظلام هما البداية يتلوهما البرق والفضاء والزمن، وكذا الحياة والموت. وهذا ماجعلهم عناصر أولية، فهم الوجود نفسه.”
في عالم السيف والسحر، كانت الروح مفهوماً غامضاً ومبهماً؛ ولم يثبت وجودها حتى لدى الكثيرين. وعلى الرغم من ذلك، كانت مستخدمة في أوساط عدة، لكن وبالإتفاق — لم يثبت عنها شيء أو مسار واضح.
أخفض زيفاير رأسه بإحترام، وأومأ رداً على ذلك.
كان هذا العالم شاسعاً.
“أوقف البحث عن ثيلرن مؤقتاً، وركّز على إستكشاف البعد والبحث عن رفاقك…”توقف مؤقتاً ثم ألقى نظرة سريعة على سيثريا ثم قال:”بالنسبة لها…لا يمكنني مساعدتها أكثر من ذلك.”
“كيف بتّ مؤخراً؟”
كان لزيفاير خبراته في الحياة دوناً عن مخالب الجشع، بدأً من طفولته بعد مراسم الإيقاظ لدى الميتم والمدار من النبلاء؛ كان من المستحيل أن يثق زيفاير بهم!
“ليس سيئاً.”
شعر زيفاير بإحترام شديد تجاه مايرل. فقد تمكن من تثبيت حالة سيثريا وعدم السماح لها بالموت، وبمقابل بسيطغي مضمون.
سكت مايرل لبرهة، قبل أن يهز رأسه.
— الروح!
سأل:”كيف أصبحت؟ هل ما تزال تتحسن؟”
“نعم.”أجاب مايرل قبل أن يستغرب:”ألاحظت شيئاً؟”
لم يستطع زيفاير ذلك.
هز مايرل رأسه.” قدراتي محدودة، ولست بباعث أو متعاقد. وهذا لا يتضمن مجالي أيضاً؛ كوني قادراً على إبقاءها حيةً هو معجزة بحد ذاته، لا تتمنى أكثر من ذلك.”ثم ابتسم بمرارة وقال:”سحر الموت والروح محرّمان لأسباب واضحة، ومن سوء حظها وجودها هنا، فهذا يفاقم حالتها فقط.”
ولعدم إستحالة أي شيء بفضل العقل البشري، إنتشرت العجائب والغرائب، وتنافست المواهب في تميزها دون عن غيرها؛ فالأبطال ألهموا أنفسهم وغيرهم، مشرقين كشمس حضارة ضوءها لا يفنى على مدار الحقب؛ فقد كان الشرط الأول للتميز هو عدم الإنحصار في قيدٍ أو شرط، وكسر المستحيل إمّا بالحظ أو الإجتهاد!
— الروح!
لكن لم يتخطى حجم أكبر بعد سري 5000 كيلومتر في أفضل الأحوال. فقد كانت الأبعاد السرية حارقةً للموارد بطبعها؛ ناهيك عن تقلبات الفضاء، وباقي مشاكلها الأخرى.
في عالم السيف والسحر، كانت الروح مفهوماً غامضاً ومبهماً؛ ولم يثبت وجودها حتى لدى الكثيرين. وعلى الرغم من ذلك، كانت مستخدمة في أوساط عدة، لكن وبالإتفاق — لم يثبت عنها شيء أو مسار واضح.
“ليس سيئاً.”
“هيه.” ضحك مايرل، قبل أن يسأل بعمق:”للوجودات عناصر؛ فالضوء والظلام هما البداية يتلوهما البرق والفضاء والزمن، وكذا الحياة والموت. وهذا ماجعلهم عناصر أولية، فهم الوجود نفسه.”
وقف زيفاير أمام سورٍ صخري بدائي قليلاً، حرسه مشعوذان غريبا المظهر.
“كما تعلم، ضاع العديد من الناس.”كان زيفاير دقيقاً، حين ذكر:”كانوا بالمئات. دعك من ابن أخيك، فالأميرة عائشة، وساحر البلاط الإمبراطوري هيروسوليم، وغيرهم من الشخصيات الأخرى الهامة الذين قد تواجدوا حين حصل الإنفجار…لايرون بداخل هذا البعد، أو لم يظهروا أنفسهم حتى الآن، ألا تجد هذا غريباً؟”
سأل زيفاير شيئاً كان يدور بخلده منذ فترة، مستغلاً الفرصة للإستزادة:”لما البرق عنصر أولي؟”
وبواسطة إحتكارها في السوق، وزيادة إمتلاكهما لمسلة المهام، تمكن الإخوة بيليت من التحكّم بأعداد هائلة من الناس بسهولة. فمن كان ليقاوم دواءاً كهذا وسط هذه البيئة؟ ناهيك عن الحاجز حول البلدة!
اتفق كلاهما على ضرورة إمتلاك دعم خارجي، فقد تطلبت الإستكشافات الأموال والموارد. ولم يكفي تنفيذ المهام لسد مصاريفهم. رأى غرانيتش بأن أي مصدر يفي بالغرض، وآنذاك بادر إرستقراطي شاب بالتواصل معهم
كان من المعقول تصنيف الضوء والظلام وكذا نقيضين آخرين كالحياة والموت، ومتوازيين كالفضاء والزمن. لكن البرق؟
سأل زيفاير شيئاً كان يدور بخلده منذ فترة، مستغلاً الفرصة للإستزادة:”لما البرق عنصر أولي؟”
“وجود العناصر أمر مثبت، لكن تصنيفها معضلة…”شعر مايرل بالصداع، لكنه لم يبخل حين شرح:”العناصر هي أساس هذا العالم ومكونه، لكن تصنيفها يميل إلى كونه فلسفياً، وهذا يعتمد على المكان ومن يسكنه. فعلى سبيل المثال: في القارة الشمالية الموت والحياة هما العنصران الأوليان الوحيدان، ماغيرهم يتبع التصنيفات الأخرى…”
كانت جوهر هذا البعد، والدليل الأهم حتى الآن للوصول لما كتب عنه أنه الميراث. كان منجماً للجوائز والمكافآت الرائعة، وطريقاً للميراث النهائي — كما كتب عليها!
في القارة المركزية؛ الماء هي العنصر الأولي الوحيد، وما غيرها يتبع تصنيفات أخرى…أترى؟ كل هذا يعتمد على النشأة والنظرة للأمر، وبالطبع هو قابلٌ للنقاش، ويمكن الوصول لتصنيف ثابت أيضاً.”
“السلطات في جوهرها ليست أكثر من صيغ جاهزة لعناصر مدمجة، فالأرض والنار ينتجان البراكين، والرمال والنار ينتجان الزجاج، وكذا…لهذا تسمّى بالأشكال المتقدمة، وكذا بالفرعية. لأنها تفرعت في أصلها من غيرها.”حين قال مايرل ذلك، لمعت عيناه بضوءٍ عميق وابتسم:”ولكون الأمر محتملاً وغير محدود، ولترى عجيب هذا العالم، يمكن الوصول لهيئة العناصر الأولية بدمج بعض العناصر مع بعضها، أترى؟”
‘لأرجوا ألا تسقط البلدة خلال زياراتي القادمة، على الأقل لتسلم المسلّة…’
سأل:”كيف أصبحت؟ هل ما تزال تتحسن؟”
“إن كان للموت والحياة عناصر؛ وللدم عنصر أيضاً، فهل الروح سلطة أم عنصر؟”
لم ينتج الأثير إلا من الأرواح؛ فقد كان جوهرها ومكونها، وبطبيعة الحال ما ساهمت كل ميتة إلا في إزدياده بالأرجاء.
لم يعرف زيفاير الجواب. فلم يكن متأكداً من فهمه لما قاله مايرل 100%.
فعل ذلك الإرستقراطي الشاب مالم يستطع فعله.
“السلطات في جوهرها ليست أكثر من صيغ جاهزة لعناصر مدمجة، فالأرض والنار ينتجان البراكين، والرمال والنار ينتجان الزجاج، وكذا…لهذا تسمّى بالأشكال المتقدمة، وكذا بالفرعية. لأنها تفرعت في أصلها من غيرها.”حين قال مايرل ذلك، لمعت عيناه بضوءٍ عميق وابتسم:”ولكون الأمر محتملاً وغير محدود، ولترى عجيب هذا العالم، يمكن الوصول لهيئة العناصر الأولية بدمج بعض العناصر مع بعضها، أترى؟”
“أترى؟”ضحك مايرل، كان صوته عميقاً حين قال:”مرد كل من عبث بالروح إمّا الجنون أو…الموت، ولا مفر من ذلك.”
‘مالذي حصل حقاً…؟’ آمن زيفاير بحصول شيْ غريب حتى تصبح سيثريا بهذه الحال الملوثة روحياً والبلا عقل، فقد إمتلكت إحتياطاتها الكافية للدفاع عن بيئة هذا البعد لئلا تصبح بهذه الحالة على الأقل. ناهيك عن فقدانه لباقي الأعضاء أيضاً!
عمّ الصمت لدقائق، وشعر كلا من مايرل وزيفاير بمدى ضآلتهما أمام ماقد يحدث. كان الجو ثقيلاً. في النهاية، ماكان للمسن إلا التنهد مذكراً نفسه بعدم إشغال نفسه بذلك، ثم غيّر الموضوع:”الآن لنركز على وضعنا الحالي، أي تحديثاتٍ أخرى لديك؟”
“لذلك إعلم؛ في اليوم الذي سترى فيه تطبيقاً عملياً للروح كسحر أو كعنصر وبشكل مباشر بسحر ذو مسار مثبت، إعلم أن هذه بادرة عصر جديد…”لم يسع مايرل إلا لمح غابة الأشباح المرعبة، متذكرًا مابها من أثير وأرواح، تنهد:”لا أظن أنّ هذا ببعيد.”
“ر..جا..ءاً…فقـ…ط…جـ…جـ…ـغـ…مة…”
“ر..جا..ءاً…فقـ…ط…جـ…جـ…ـغـ…مة…”
في الحقبة الأولى، كان البشر عبيداً لباقي الأعراق، ولم يحلموا بالسحر أو المقاومة حتى. لكن مرور الوقت تغيّر الأمر بالتدريج وبتتابع آخذين الحق لصنع مسارهم، بدأً من قدرتهم على إستخدام السحر، وصولاً لتطويره بل والتفرع به!
تطورت العديد من الأسحار على مر العصور، كالبصيرة في الحقبة الثانية، والفضاء والزمان في الحقبة الثالثة، والحياة والموت في الحقبة الرابعة على أيدي القديسين وغيرهم من الحكماء العظام على مر التاريخ. وحتى سحر الأرواح لم يظهر على يد القديس اللوتس الغامض سوى في أوساط الحقبة الرابعة.
في الحقبة الأولى، كان البشر عبيداً لباقي الأعراق، ولم يحلموا بالسحر أو المقاومة حتى. لكن مرور الوقت تغيّر الأمر بالتدريج وبتتابع آخذين الحق لصنع مسارهم، بدأً من قدرتهم على إستخدام السحر، وصولاً لتطويره بل والتفرع به!
وفي مطلع الحقبة القادمة وفي أواخر الحقبة الحالية، لم يسع مايرل سوى الشعور بالرعب مما هو قادم، كان هذا البعد السري مثالاً على ذلك: قد يبدو بسيطاً للوهلة الأولى، لكنّ مايرل قد آمن أن الأمر خلاف ذلك…فلم تكن مياه هذا العالم بهذه الضحالة!
“لذلك إعلم؛ في اليوم الذي سترى فيه تطبيقاً عملياً للروح كسحر أو كعنصر وبشكل مباشر بسحر ذو مسار مثبت، إعلم أن هذه بادرة عصر جديد…”لم يسع مايرل إلا لمح غابة الأشباح المرعبة، متذكرًا مابها من أثير وأرواح، تنهد:”لا أظن أنّ هذا ببعيد.”
عمّ الصمت لدقائق، وشعر كلا من مايرل وزيفاير بمدى ضآلتهما أمام ماقد يحدث. كان الجو ثقيلاً. في النهاية، ماكان للمسن إلا التنهد مذكراً نفسه بعدم إشغال نفسه بذلك، ثم غيّر الموضوع:”الآن لنركز على وضعنا الحالي، أي تحديثاتٍ أخرى لديك؟”
‘الحمقى…’أخفض زيفاير حاجبيه بلا وعي شاعراً ببرد طفيف على عموده الفقري، ثم تنهد. كان قلبه هادئاً أمام هكذا مناظر، فقد رأى ما هو أسوأ قبلاً. رغم ذلك…
“هاه!”
تنهد مايرل المسن، ثم سأل،”لايبدو أنك وجدت موقع الصبي؟”
ملئت العتمة المكان، مكتنفةً بالآلام والأحزان.
ما دام المرء حياً، فقد إمتلك المجال للنمو بلا شك. لذلك قبل زيفاير الفرصة ليصبح عينة تجارب. وإنه ومن حسن حظه مساعدة ذلك له في زيادة مخزون المانا خاصته بعدة أضعاف عن المعتاد!
مقابل إطالة عمر سيثريا أو إنقاذها، كان زيفاير سيبحث عن ابن اخ مايرل – فتى باسم ثيلرن. كانت هذه إتفاقية بسيطة بينهما؛ وبالطبع ولصدقهما لم يدخّر أيٌ منهما جهداً في ذلك.
مرّ زيفاير بفحص دوري، قبل أن يدخل إلى الخيمة. كان محتواها بسيطاً؛ لكن لم يهمه سوى الطاولة التي بيعت فيها الجرعات، حيثما كان البائع هو الخيميائي بنفسه.
وفي مطلع الحقبة القادمة وفي أواخر الحقبة الحالية، لم يسع مايرل سوى الشعور بالرعب مما هو قادم، كان هذا البعد السري مثالاً على ذلك: قد يبدو بسيطاً للوهلة الأولى، لكنّ مايرل قد آمن أن الأمر خلاف ذلك…فلم تكن مياه هذا العالم بهذه الضحالة!
‘ما للآن للآن.’زفر زيفاير بهدوء، مصفياً عقله، لم يجاوب عليه، وإنمّا سأل:”أرأيت المسلّة؟”
لم يسعه سوى الإستنكار ناظراً إلى كل هؤلاء اللاجئين أمام السور الصخري:’ما زال العدد يزداد…لكم ستنجو هذه البلدة؟ وهذه الرائحة اللاذعة أيضاً…’
“نعم.”أجاب مايرل قبل أن يستغرب:”ألاحظت شيئاً؟”
كان زيفاير رجلاً طويلاً. مرتدياً بنطالاً أسوداً وقلنسوة زرقاء داكنة لم تبرز ما أسفلها. كان حاد الملامح مستقيم الأنف خفيف اللحى، بني الشعر، بندبة بارزة على فمه، كان قد تلقاها في إحدى مغامراته. كان حاداً وإن ستر نفسه.
مسلة المهام!
حزب المغامرين ذو التصنيف B، والذين قد كانوا أوّل من يدخل إلى البعد السري، رفقة جمع من سحرة البرج!
مقابل إطالة عمر سيثريا أو إنقاذها، كان زيفاير سيبحث عن ابن اخ مايرل – فتى باسم ثيلرن. كانت هذه إتفاقية بسيطة بينهما؛ وبالطبع ولصدقهما لم يدخّر أيٌ منهما جهداً في ذلك.
كانت جوهر هذا البعد، والدليل الأهم حتى الآن للوصول لما كتب عنه أنه الميراث. كان منجماً للجوائز والمكافآت الرائعة، وطريقاً للميراث النهائي — كما كتب عليها!
بنيت بلدة بيليت حول مسلّة المهام، والتي نالها الإخوة دولاد بقوتهم بعد معارك عديدة. وبشكل غريب، كانت مهام المسلة متجددة، وكانت تزيد صعوبةً في كل مرة.
كانت بيئة هذا البعد السري كما لم يُسمع قط حتى في القارة الشمالية، أرض موت مطلقة! إنتشرت الأرواح في كل مكان، منتجة مجالات واسعة لا تطاق من الضغط على أرواح الأحياء.
لمعت عينا مايرل، قبل أن يومأ:”تابع.”
“كما تعلم، ضاع العديد من الناس.”كان زيفاير دقيقاً، حين ذكر:”كانوا بالمئات. دعك من ابن أخيك، فالأميرة عائشة، وساحر البلاط الإمبراطوري هيروسوليم، وغيرهم من الشخصيات الأخرى الهامة الذين قد تواجدوا حين حصل الإنفجار…لايرون بداخل هذا البعد، أو لم يظهروا أنفسهم حتى الآن، ألا تجد هذا غريباً؟”
كان الخيميائي ملثماً بالكامل، تحدث بصوت أجش بلا تحيات:”أي جرعة؟”
“ومن غير المعقول أن يكونوا قد ماتوا بعد، أليس كذلك؟”
سأل:”كيف أصبحت؟ هل ما تزال تتحسن؟”
أشار زيفاير إلى شيء معقول، كان في نفس مايرل منذ مدة. لذلك اومأ ببطء، وسأل:”جيد أنك قد لاحظت ذلك، مالذي تعتقده؟”
عبر هذه الجرعة خفت الآثار التراكمية للضغط الروحي كثيراً، وبات إستكشاف البعد السري أسهل بتفاوت عمّا كان عليه، لكن وكعادة النظام المناعي البشري؛ ولكون هذه الجرعة منتجاً أولياً، وجب تخفيف إستخدامها لئلا تُكتسب منها مناعة توقف أثارها، فقد كان هذا وارداً؛ وكان ذلك سبب سؤال الخيميائي له.
“مرحباً بك في حقل الضياع!”
غير مبالٍ أكثر في أفكاره، دخل زيفاير البلدة.
“السلطات في جوهرها ليست أكثر من صيغ جاهزة لعناصر مدمجة، فالأرض والنار ينتجان البراكين، والرمال والنار ينتجان الزجاج، وكذا…لهذا تسمّى بالأشكال المتقدمة، وكذا بالفرعية. لأنها تفرعت في أصلها من غيرها.”حين قال مايرل ذلك، لمعت عيناه بضوءٍ عميق وابتسم:”ولكون الأمر محتملاً وغير محدود، ولترى عجيب هذا العالم، يمكن الوصول لهيئة العناصر الأولية بدمج بعض العناصر مع بعضها، أترى؟”
“بتنفيذ المهام الموجودة على المسلة، يمكنك نيل الثروات! لا تقلق – فنحن نُزهاء؛ وسنتأكد من مكافأتك تعبك جيداً! ستعرف بعض الأسرار بعد تنفيذ المهام، وقد تحصل على مكافآتٍ سرية! هذه فرصةٌ يا رفيق – قد تتغير حياتك للأفضل!”
صدم زيفاير وقال على الفور:”لكن…”
كان هذا هو أول نص رُسم على مسلّة المهام بلغة آركانا القديمة.
فإمتلاكه لنواة سحرية قد عنى قدرته على السير في طريق السحرة لتسخير المانا والإرتفاع في هذا العالم!
كانت هذه المسلة شيئاً مشوقاً.
دخل الخيمة رجل مسن.
قال زيفاير:”أنا أعتقد أن “حقل الفراغ’ المكتوب لدى المسلّة، يعني تقسيم هذا البعد السري لحقلين أو أكثر…وهذا يفسّر سبب عدم رؤيتي لهؤلاء الأشخاص حتى الآن، فمن المعقول وجودهم في الحقول الأخرى. أليس هذا منطقياً؟”
كان زيفاير عضواً مؤسساً في حزب مخالب الجشع؛ كان من مطوريه رفقة غرانتيش وعضو آخر قد وافته المنية منذ سنوات. آنذاك، إختلف هو وغرانيتش في كيفية إدارة الحزب وتطويره، فقد شكلت وفاة ذلك العضو صدمةً لهما؛ وكان لكل منهما رأي بعد ذلك.
لمعت عينا مايرل، قبل أن يومأ:”تابع.”
لم يطل زيفاير التفكير، وقال:”ثلاثة. أظن أن حدي سيصل بعد جرعتين إضافيتين.”
ناظراً لحال سيثريا العصيبة، ماكان له إلا التفكير في الماضي: هل اخطأ حينها؟
“أعتقد أن هذا الميراث يتبع نظام التصفية المتبع بالحقبة الثانية، فالمرشحات في كل مكان. والموت منتشر. بتنفيذ المهام ينال الأقوياء حقّ التقدم في البعد، وفي النهاية، التقاتل لنيل الميراث!”
سكت مايرل لبرهة، قبل أن يهز رأسه.
“أترى؟”ضحك مايرل، كان صوته عميقاً حين قال:”مرد كل من عبث بالروح إمّا الجنون أو…الموت، ولا مفر من ذلك.”
“إن كان للموت والحياة عناصر؛ وللدم عنصر أيضاً، فهل الروح سلطة أم عنصر؟”
كان هذا العالم شاسعاً.
‘أحتاج لمعرفة ماحصل لهم…بأي ثمن.’
لم يعلم كيف تمكّن الإخوة بيليت من تحقيق ذلك، لكنهم قد صنعوا مصفوفة سحرية قد عزلت الكثير من المجال الروحي الواقع عليهم مخففة وبشدة تأثيرات الأثير وما تجلبه من ضرر. نتيجةً لذلك، كثيراً ماعاد الناس إلى هذه البلدة، حتى يرتاحوا مؤقتاً. فعلى حد علمه، كانت هذه البلدة هي الوحيدة في البعد وبمثل هذا الخواص – حتى الآن.
لم تستخدم الأبعاد السرية بكثرة إلا في الحقبتي الثانية والثالثة، وكان ذلك لسببين: تكبّر الأركانيين ونظرهم للأبعاد السرية كمنازل لعالي المقام، ولكونها سهلة الحماية ضد الأعداء الخارجيين — الأعراق الأخرى!
“هيه.” ضحك مايرل، قبل أن يسأل بعمق:”للوجودات عناصر؛ فالضوء والظلام هما البداية يتلوهما البرق والفضاء والزمن، وكذا الحياة والموت. وهذا ماجعلهم عناصر أولية، فهم الوجود نفسه.”
لذلك كان، لا، بل وجب عليه السعي في ذلك!
لكن لم يتخطى حجم أكبر بعد سري 5000 كيلومتر في أفضل الأحوال. فقد كانت الأبعاد السرية حارقةً للموارد بطبعها؛ ناهيك عن تقلبات الفضاء، وباقي مشاكلها الأخرى.
عمّ الصمت لدقائق، وشعر كلا من مايرل وزيفاير بمدى ضآلتهما أمام ماقد يحدث. كان الجو ثقيلاً. في النهاية، ماكان للمسن إلا التنهد مذكراً نفسه بعدم إشغال نفسه بذلك، ثم غيّر الموضوع:”الآن لنركز على وضعنا الحالي، أي تحديثاتٍ أخرى لديك؟”
كان البقاء هنا كالصعود فوق قمة مرتفعة حيث لا هواء يصل للرئة أو كالغوص في أعماق البحر بضغطٍ لايقاوم. لسوء الحظ، مات على الأقل نصف من دخل البعد السري فقط لمواجهتهم المستمرة للضغط الروحي الذي لا مناص منه خلال الشهرين المنصرمين. ناهيك عن باقي الأخطار الأخرى كالوحوش والأشباح واللاموتى!
لم يسهب مايرل في الكلام، أومأ في النهاية وقال:”هذا مشوّق بطريقته. إستمر هكذا ولاقني بالجديد.”
كان زيفاير مثالاً على الإجتهاد.
مسلة المهام!
“أوقف البحث عن ثيلرن مؤقتاً، وركّز على إستكشاف البعد والبحث عن رفاقك…”توقف مؤقتاً ثم ألقى نظرة سريعة على سيثريا ثم قال:”بالنسبة لها…لا يمكنني مساعدتها أكثر من ذلك.”
وقف زيفاير أمام سورٍ صخري بدائي قليلاً، حرسه مشعوذان غريبا المظهر.
في عالم السيف والسحر، كانت الروح مفهوماً غامضاً ومبهماً؛ ولم يثبت وجودها حتى لدى الكثيرين. وعلى الرغم من ذلك، كانت مستخدمة في أوساط عدة، لكن وبالإتفاق — لم يثبت عنها شيء أو مسار واضح.
صدم زيفاير وقال على الفور:”لكن…”
في القارة المركزية؛ الماء هي العنصر الأولي الوحيد، وما غيرها يتبع تصنيفات أخرى…أترى؟ كل هذا يعتمد على النشأة والنظرة للأمر، وبالطبع هو قابلٌ للنقاش، ويمكن الوصول لتصنيف ثابت أيضاً.”
“لا، “أصبح صوته أرق:”كما أخبرتك. لا حول لي في هذا؛ جد باعثاً أو ما شابه، حتى خيميائي ذو خبرة بالمجال المقابل سيفي بالغرض.”
كان عليه معرفة ماحصل لهم، وإنقاذهم على الاقل!
علم زيفاير بمدى إستحالة إنقاذها، لكنه لا يزال يأمل في ذلك.
كان أشيباً طويلاً بملابس ساحر رمادية وبيضاء، كان محلوق اللحى، عُجّ وجهه بالتجاعيد، وبينهم برزت عيناه العميقتان كبئرٍ قديمة، كان طويل الشعر. كانت هالته ساكنة، لم تبرز حتى كساحر في الرتبة الأولى، ما أعطاه جواً من الحكمة والغموض، ابتسم:”انت هنا، مرحباً بك.”
‘متعاقد أم باعث، أو حتى خيميائي…’ وضع زيفاير لنفسه هدفاً جديداً. ناهيك عن سيثريا، من كان ليضمن له أن باقي الأعضاْ لم يكونوا بحال مماثلة؟
ما دام المرء حياً، فقد إمتلك المجال للنمو بلا شك. لذلك قبل زيفاير الفرصة ليصبح عينة تجارب. وإنه ومن حسن حظه مساعدة ذلك له في زيادة مخزون المانا خاصته بعدة أضعاف عن المعتاد!
لذلك كان، لا، بل وجب عليه السعي في ذلك!
ناظراً لحال سيثريا العصيبة، ماكان له إلا التفكير في الماضي: هل اخطأ حينها؟
كان لزيفاير خبراته في الحياة دوناً عن مخالب الجشع، بدأً من طفولته بعد مراسم الإيقاظ لدى الميتم والمدار من النبلاء؛ كان من المستحيل أن يثق زيفاير بهم!
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
