ربما في يومٍ ما ستشرق الشمس مجددًا فوق هذه المدينة الملعونة، وستعود الحياة كما كانت، هادئة ومليئة بالأمل. لكن ليس هذا اليوم. اليوم، يهيمن القمر الدموي على السماء، معلقًا فوق الأبراج المتهالكة مثل عين شيطانية تراقب كل شيء. ظلاله الحمراء تمتد على النهر الغاضب، تعكس مشهدًا من الجنون والفوضى. هنا، لا مكان لنور الشمس، ولا مجال للسلام.
تصدح صافرات الإنذار الثالثة في الأفق، يليها صوت الأجراس الثقيلة وهي تدق معلنة بداية الليل. يتدافع الناس عبر الشوارع الضيقة، كل واحد منهم يسابق الزمن ليختبئ قبل أن يبدأ الصيد. في الخارج، تسير كتيبة الملك بقسوة، مدججين بالسلاح، يجوبون الأزقة المظلمة، يدفعون المارة بعنف بعيدًا عن طريقهم. شاراتهم المشعة تلمع كرمز للهيمنة، إشارة إلى مدينة سيلفاريوم، عاصمة مملكة الظلام التي لا ترحم. تغلق الستائر بسرعة، وتنزوي بعيدًا عن الأنظار. لا شك أن هؤلاء الجنود هنا للتحقيق في الجثث المشوهة التي تم العثور عليها في الليلة الماضية.
بينما تراقب الشقة المعتمة من حولك، يبقى شبح الليلة الماضية حاضرًا في ذهنك. أولئك الذين تمزقت أجسادهم بوحشية… هل عانوا كما تعاني أنت الآن؟ هل عاشوا أيامهم الأخيرة وهم يقاومون هذا الرعب الداخلي الذي يبتلعهم؟ ربما لم يكن يجب أن تكون نهايتهم بهذه الطريقة القاسية، ولكن هذا هو المصير الذي ينتظر كل من يختار مواجهة الظلام.
ثم يتسلل الإدراك إليك. لا مهرب من هذا المصير. البقاء هنا يتطلب شيئًا أكبر من القوة أو الشجاعة. إنه يتطلب الاستسلام.
تشعر بالتغيير بداخلك، يبدأ ببطء مثل نبض غريب تحت جلدك. تتحول يداك إلى مخالب طويلة، وأنت تشعر بأن عظامك تتحرك وكأن قوة غير مرئية تعيد ترتيبها. الألم يجتاحك، لكنك تعتاده، تشعر بشيء بدائي يسيطر على جسدك. كل عضلة فيك تحتدم بالطاقة، وجلدك يبدأ في التحول، يتجعد ثم يتشقق ليكشف عن فراء خشن يتسلل عبر مسامك. تمتلئ رئتيك بهواء الليل البارد، وعيناك تتحولان إلى لون أصفر متوهج يشع من الظلال. سمعك يتضاعف، يشق طريقه عبر الأصوات ليصل إلى النبضات الخافتة، ورائحة الدم في كل مكان، قوية وواضحة.
أنت الآن مخلوق جديد، لا شيء فيك يشبه ما كنت عليه. تقف في الظلام، مستعدًا لما هو قادم.
هنا. الآن. وربما إلى الأبد.
الجميع يموت في الظلام، لكن ليس أنت. أنت أصبحت جزءًا منه.
